آراؤهم

الأمل والكويت

قال اليونانيين يوما أن “الأمل” هو شر الشرور، الشر الاكثر مكراً وخداعاً، فيبدو لي أن لا اختلاف بين الأمل و حصان طروادة الذي أسقط مدينه طروادة ورمى الأمير هكتور قتيلا على الأرض. فمن الوهلة الاولى قد نعتقد بأن في مكمن الأمل سعادة وانفراج بعد صبر طويل لكن سرعان ما سنكتشف أنها تعاسة و الوهم والشعور بالعجز وما الأمل إلا محاولة الانسان باستخدامه لتحوط أمام مأسي الظروف واستخدام الامل كغطاء عازل. لكن الحقيقة ان الامل دلالة العاجز المتبلد الواقف منكسراً امام امواج الظروف مكبل اليدين عاجز عن التغيير، منتظرا مُخلص او معجزة الهية تخلصه من آلام الحاضر وهي أنين الحق العاجز عن سادية الحاضر.

لذلك أتى الفيلسوف الهولندي سبينوزا مكملا على اليونانين بتأكيد ضمير المتحدث بالأمل ، بأن الأمل يصنف ضمن الأهواء الحزينة. وهي صدقاً كذلك، فيذهب الانسان الى مخيلته بإقناع ذاته بأن الأمل قادم وأن الانفراجة آتية دون أدنى شك لكنها مسأله وقت، وهي بالحقيقه مجرد توهمات للإنسان لتجعله على قيد الحياة من ساديه الحاضر. فما أكبر مخلية الانسان حين يريد الهروب من الواقع.

ما أريد التحدث فيه بعد هذه المقدمة، أن عقد الأمل على أشخاص مهما كانت مناصبهم أو رتبهم، هي ضرب من ضروب الوهم، وإن حدثت مرة فهي جزما لن تتكرر. الحقيقة قد ظن الناس أن الإصلاح قادم والدولة العميقة انتهت وضربت رياح العدالة أعمدة الفساد، لكن ما نراه في المشهد الحالي في الوقت الحالي هو مجموعة اعفاءات دون محاسبة وقد تكون شكلا من أشكال تبديل الفرق وهي مؤشر على عدم جدية الاصلاح أو قصر النظر في الاصلاح. فلا يمكن البناء على الفساد، ولا يمكن الاصلاح دون محاسبة جدية، ولا يمكن أن تتجلى صور الاصلاح دون محاسبة على من ساهم بهدم القيم وهدم مؤسسات الدولة.

لا أشك في نزاهة ونية سمو رئيس مجلس الوزراء، لكني أشك بإمتلاك الحكومة لرؤية بكيفية انقاذ الوضع الاقتصادي في البلد، فلا أعتقد أنها تملك خطة عمل تنافس بها دول الجوار. فأجزم بان ليس هناك قدرة حقيقية حتى على التماشي والتنافس مع دول الجوار أو القدرة على استيعاب التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وخلق سوق حر تنافسي لا سوق خاص يعيش على مكرمة حكومية وتمثيل شركات أجنبية. الكويت قادرة بحكم موقعها وقدراتها أن تكون مركزا ماليا في الشرق الاوسط وهي حماية لوجودها في خريطة العالم لكن يؤسفني بعدم استغلال مقدرات البلد وثروته الحقيقية وهم شبابه بتمكينهم من وضع برامج ورؤى حقيقية لإنتشال البلد ووضعه في مصاف الدول المتقدمة.

اذا كانت الحكومة فعلا تريد الاصلاح وإنهاء بقايا العهد القديم، فعليها أولا المحاسبة وتنظيف مؤسسات الدولة من القيادات التي دمرت البلد ومن ثم البناء من خلال استغلال الطاقات الشبابية بوضع خطط تتماشى مع الطموحات الشبابية وتعديلات اقتصادية لبناء اقتصاد متين وقطاع خاص حقيقي لا شكلي. فإذا لم تفعل ذلك فتبا للأمل سبع مرات إحداهن بالتراب. وصدق اليونانين بقولهم عن الأمل، وما نعيشه الا عبارة عن مخيلة جمعية توهمت بالإصلاح و عاشت الحلم.

علي سلامة الغتر

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.