حظي تعيين 22 قيادياً دفعة واحدة مابين وكيل وزارة ووكيل مساعد باهتمام الرأي العام نظراً لكمّ التعيينات غير المسبوق، والأسماء المعينة، والأهم من ذلك كله آلية التعيين التي كان ينتظرها الجميع للتعرف على توجهات الحكومة الجديدة برئاسة سمو الشيخ أحمد النواف التي مازال الآمال معقودة عليها لإصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة.
فيما يتعلق بعدد التعيينات الكبير وسرعة تسكين المناصب القيادية، لاشك أنه إجراء يحسب لصالح الحكومة حيث كانت الأجهزة الحكومية -ومازالت- تشتكي من فراغ في القيادة ممّا عطل مصالح المواطنين. أما ما يتعلق بآلية اختيار الأسماء التي تم تعيينها، فقد طغت الذاتية بشكل واضح وابتعدت تماماً عن المعايير الموضوعية (رغم وجود أسماء محترمة تحظى بقدرٍ كافٍ من الكفاءة المهنية).
لقد ابتعدت آلية التعيين للمناصب القيادية -للأسف- عن معايير العدالة والشفافية والمنافسة، وهو ماكان يتطلع إليه الرأي العام الكويتي في العهد الجديد، حيث مازالت العلاقات الشخصية تفوق الكفاءة المهنية ، مما يكرس حالة الإحباط لدى من هم أكثر كفاءة ، كما يجعل الولاء لشخص الوزير الذي عين تلك الأسماء عوضاً عن الولاء للدولة.
قد يظن البعض أن تطبيق معايير الكفاءة و النزاهة و المنافسة العادلة غير ممكن التحقق في دولة صغيرة مثل الكويت حيث تطغى العلاقات الاجتماعية ووشائج القربى و “هذا ولدنا” على ماسواها من المعايير الآخرى، لكن بنظرة سريعة لبعض المؤسسات الحكومية سنجد أن ذلك ممكن، بل سبق أن طبق بنجاح وبعدالة كاملة في الكويت.
لعل أبرز الأمثلة على ذلك المناصب القيادية في القطاع النفطي، حيث يوجد تدرج وظيفي يتيح للجميع أن يحصل على فرصته العادلة في تولي المناصب القيادية دون النظر إلى خلفيته الاجتماعية.
كما أن القبول في جامعة الكويت والبعثات الخارجية و الداخلية فهو خاضع لمعيار النسبة المئوية دون محاباة لأي اعتبار آخر، أما القبول في الحرس الوطني الذي تبعته باقي المؤسسات العسكرية فقد خضع للسُنة الحسنة التي سنّها سمو ولي العهد (منذ توليه قيادة الحرس الوطني) لمن استوفى شروط القبول وهي القرعة التي لاتظلم أحداً.
كانت تلك بعض الأمثلة البسيطة لكنها تجارب إيجابية يمكن البناء عليها في الترشيح للمناصب الإشرافية والقيادية.
قد تحتاج المناصب القيادية لمعايير أخرى مثل فحص السيرة الذاتية والتعرف على خطة عمل المترشح للمنصب قبل توليه المسئولية، لكن ذلك يجب أن يخضع هو الآخر لمعايير عادلة بعيداً عن الوزن الاجتماعي والعلاقات الشخصية التي أفسدت الجهاز الإداري وأصابته بالشلل.
مازلنا متفائلين بالحكومة الجديدة رغم تحفظنا على آلية اختيارها للمناصب القيادية ، لكن مازال في الوقت متسع لاصلاح الخلل، و سيظل كل قرار يصدر عن هذه الحكومة إمّا أنه يزيد من رصيدها الشعبي أو ينقص منه، وقادم الأيام كفيل بالكشف عن مفهومها للاصلاح و من ثم الحكم عليها.
د.أحمد الذايدي
أضف تعليق