أزعم أن الحديث عن إصلاح مؤسسة عريقة بحجم جامعة الكويت مهمة صعبة لا تخلو من التحديات، خصوصاً إذا كان كاتب هذه السطور ينتمي لنفس هذه المؤسسة التي يفخر بالانتماء إليها منذ أن كان طالباً جامعياً ثم أستاذا قضى عقدين من عمره يتجول بين قاعاتها و مكتباتها و مبانيها.
لكن تلك المشاعر لن تحول بيني وبين الحديث عن ضرورة اصلاح هذا الصرح العلمي الذي له فضل كبير عليّ بل على كل بيت في الكويت طوال العقود الخمس ونيف الماضية ، مما يجعل المطالبة باصلاحه أمانة بل واجب وطني. ولأن الحديث عن اصلاح التعليم الجامعي متشعب، ولا يمكن اختزاله في مقالٍ صحفي، فإنني سأقتصر على الإشارة الى أربعة عوامل أحسب أنها مازالت هي الاسباب الرئيسة التي تعيق انطلاق جامعة الكويت لتكون في مصاف الجامعات المتألقة اقليميا و عالمياً.
أولاً: عدم الاستقرار الإداري والذي تجلى بوضوح في تعاقب ثلاثة مدراء خلال أقل من ثلاث سنوات (يفترض بقاء كل مدير 4 سنوات على الاقل)، مما تسبب في فراغٍ إداري مازال قائماً حتى اليوم، حيث غالبية المناصب القيادية بالتكليف لتسيير العاجل من الأمور ، الأمر الذي تسبب في حرمان الجامعة من قيادة مستقرة قادرة على انتشالها من مشاكلها المتراكمة التي أدت إلى هبوط تصنيفها العالمي عاماً بعد عام.
ثانياً: آلية اختيار مدير الجامعة ، حيث جرت العادة أن يختار وزير التعليم العالي مدير الجامعة أولاً، ثم يشكل لجنة الاختيار على مقاسه لتختم على اختيار الوزير، وهي ممارسة عهدناها في الكثير من المؤسسات الحكومية، لكنها تكون أشد وطأة في مؤسسة علمية بحجم وتاريخ جامعة الكويت.
ثالثاً: لقد تسببت آلية الاختيار تلك في خلق مشكلة أخرى وهي الشللية المهنية، حيث تطغى العلاقات الشخصية على المؤهلات الإدارية والقيادية، فيختار المدير المعين قيادات الجامعة ممن يعرف من محيطه المهني بدءاً من نوّاب المدير ، مروراً بالعمداء ونوّابهم، وإنتهاءاً بباقي المناصب القيادية الآخرى.
وهنا أود الإفصاح عن معلومة قد لايعلمها معظم من يقرأ هذه السطور ، وهي أن أكثر من تقلّد المناصب القيادية بجامعة الكويت هم أساتذة كلية الهندسة على مدار العقود الماضية. ولأن نجاح أو فشل أي مؤسسة ينسب لقيادتها ، يصبح من الطبيعي تحميل أساتذة الهندسة (الذين تولوا مناصب قيادية) النصيب الأكبر من إخفاق جامعة الكويت و هو ما يدعوني للمطالبة بتدوير منصب المدير ونوابه و مساعديهم بين جميع الكليات بلا استثناء، فقد أعطى الزملاء المهندسون ما لديهم حتى وصلنا إلى ماوصلنا إليه، وجاء دور الكفاءات العلمية من باقي الكليات الاخرى ليساهموا بما لديهم من خبرات.
رابعاً: أمّا العامل الرابع و الذي تسبب في ضعف مخرجات جامعة الكويت (و هو عامل غير مباشر) ، فهو ضعف مخرجات التعليم العام، فعندما يكون خريج الثانوي ضعيفاً، فلا تتوقع أن يكون خريج جامعة الكويت عبقرياً.
د.أحمد الذايدي
أضف تعليق