منذ سنوات وأنا أرى كتّاب زملاء أصدقاء وغيرهم اذا كان الحديث عن الكتب أراهم متفاخرون بإنتاج الغرب -أعني هنا كتاباتهم عن العرب والمسلمين- منبهرين به وكأن أحدهم سليل الوندال والآخر صهر السكسون، وكأن العلم لا يستقى إلا من الغرب ! ولا أشك لوهلة أنهم مقلدون حتى بمدحهم فهم ينقلون آراء من تأثر بالغرب وفكرهم أنا لا أبالغ هذه حقيقة بل وحقيقة مرة للأسف.
أولم يعلم هؤلاء الأعزاء أن الكتابات الغربية لا تشدهم إلا في مواضيع ومواضع الاختلاف والتمرد على تراثنا؟! وأنهم يعتقدون بتقليد هؤلاء مثل فالهاوزن وبروكلمان وأمثالهم أنهم يأتون بنظرية علمية جديدة؟ أو فكرة سليمة جديدة؟ أبداً كل ذلك عبث لأنه تمرد على التراث وأصوله، فكل ما يذكر فالهاوزن أو بروكلمان هو من بطون كتب المسلمين والعرب واخص هنا في مجال التاريخ الإسلامي بشكل عام والسيرة النبوية بشكل خاص، لكنهم يذكرون منه الروايات الضعيفة والشاذة في الغالب، وان استشهد احدهم بالرواية الصحيحة تجده مجبراً ومع ذلك يفسرها بطريقة ملتوية أو يجعلها شاهد واحد أمام عشرة شواهد ضعيفة من باب التقليل والاستغراب!
لن ترى المؤرخ الغربي يشكك بالكنيسة والانجيل بإسم المنهج العلمي والحياد والموضوعية، إلا ثلة قليلة ولها دوافعها، أما عندما تكون المسألة أو الحديث عن النبي محمد – صلى الله عليه وآله وسلم- تجدهم يهتفون بل ويقاتلون بإسم الموضوعية والمنهج العلمي والحياد،وهذه أسهل الطرق لمعرفة حقيقة ما يدّعون، يذكر أ.د.عماد الدين خليل: إنه من المتعذِّر بل من المستحيل، كما يؤكد آتيين دينييه (أن يتجرد المستشرقون عن عواطفهم وبيئتهم ونزعاتهم المختلفة، وأنهم -لذلك- قد بلغ تحريفهم لسيرة النبي والصحابة مبلغاً يخشى على صورتها الحقيقية من شدة التحريف فيها).
وتحديداً في مجال و علم التاريخ ابتلينا بكتابات ومناهج وكأنها كتبت لتنال من الإسلام وأهله، وكأن التاريخ هو الأرض الخصبة لزرع الشبهات والتشكيك، بل وتسليط الضوء على السلبيات مع نظرة خاطفة على إيجابية واحدة وذلك على استحياء، ومن قبيل أن الأمانة العلمية وتحقيق ممارستها ولو في 10 صفحات متفرقة من بين 600 صفحة.
فهل يا ترى الموضوعية والحياد والمنهج العلمي في الجامعات الغربية لا يعمل به إلا بالسيرة النبوية والخلافة الراشدة؟!
للاسف في عصرنا هذا ليس الغربيين كلهم من الغرب هناك أيتام لهم يعيشون بيننا مصدّرين لافكارهم لا عن قناعة بل هي موضة وأناقة الابتعاث الدراسي، فأحدهم لا يشعر بقيمته العلمية إلا إذا استشهد بأقوال الغرب، والآخر يعتقد أن أقصر طرق الإقناع هي إقحام المصطلحات الغربية وأسماء مفكريهم.
مابعد النقطة:
بعض المصطلحات والنظريات مع أناقة كتابتها والتلفظ بها لا تعدو أن تكون فخاخ، للنيل من التراث وأخص التراث الإسلامي، فلا تغتر ولا تنجرف بكل ماهو جديد ولو كان بإسم العلم والمعرفة.
فهد بن رشاش
@Bin_rshash
أضف تعليق