لقد شهدت الكويت منذ القدم حالة جيدة من الصراع السياسي ، وذلك لموقع الكويت الجغرافي واحتكاك الكويتيون خصوصاً التجار منهم بدول مرت بتحول ديمقراطي ” الهند و العراق نموذجاً ” حيث تشكل فيها برلمان وأحزاب سياسية و صحافة حرة بمعنى مؤسسات مجمع مدني ، في نفس تلك الفترة تشكلت حركة سياسية كويتية فاعلة، تحديداً في ثلاثينيات القرن الماضي حيث أُطلق عليها ( الحركة الوطنية ) والتي يغلب عليها طابع الشخصيات التجارية، لكن هذه الحركة لم تأخذ طابع ايدلوجي معين، فلم تُحدد أن كانت حركة مدنية أم دينية، ولم تتبنى فكرة اقتصادية معينة مثل الرأسمالية أو الاشتراكية ، فقد كان جل اهتمامهم هو إنشاء برلمان مُنتخب.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ومع تصدير الكويت للنفط، بدأ أفول دور الطبقة التجارية في مجال السياسة ويعود ذلك لنشوء طبقة سياسية جديدة ذات بعد أيدلوجي مثلها الدكتور أحمد الخطيب في حركة القوميين العرب، حينها توسعت دور الطبقة الوسطى وأصبحت فاعلة في المجال العام.
هذا الانتشار للافكار السياسية لم يكن حصراً على الكويت فحسب، بل إن حقبة الخمسينيات والستينيات هي تلك الحقبة التي انتشرت بها الايدلوجيات في الوطن العربي، حيث تشكلت الاحزاب السياسية وأصبحت كالنار في الهشيم.
مع انتشار الأجواء الحزبية/الايدلوجية في الكويت نشأ المجلس التأسيسي الذي سيكون مهمته الاساسية إعداد دستور دائم للكويت، فعند مناقشة لجنة الدستور للمواد، وصلوا للمادة ٤٣ التي تتمحور حول اشهار الاحزاب السياسية في الكويت وجرى النقاش ما بين مؤيدٍ ومعارض، كان تصور المؤيدون أن إشهار الأحزاب يشكل جوهر النظام البرلماني القائم على أغلبية برلمانية واضحة تستطيع زن تشكل حكومة ، فيما كان رأي المعارضون وهو موقف الحكومة أن إقرار الأحزاب يعد مدخلا إلى عدم الاستقرار السياسي بحيث ينشر الفوضى في بلد صغير مثل الكويت، وبين هذا الرأي وذاك خرج الدستور الكويتي بموقف وسط، فهو لم يقر صراحةً على حرية تكوين الأحزاب ولكنه لم يحضرها ويحيل بذلك إلى صدور قانون ينظمها والذي لم يصدر الى يومنا هذا.
رغم ذلك فقد نظم السياسيون الأوائل انفسهم على اساس حزبي بشكل غير رسمي و بمسميات مختلفة مثل ( تنظيمات – حركات – جمعيات ) ، حتى ان الحكومة اعترفت بوجودهم بشكل غير رسمي، بدليل انها تحارب تنظيم معين عبر تقديم الدعم لتنظيم اخر.
لكن واقع الحال يؤكد أن كثير من هذه التيارات انخرطت في “صراع الشيوخ” لذلك نجد أن التيارات الاسلامية كانت متحالفة مع حكومات الشيخ سعد العبدالله منذ سنة ١٩٨١، لكن انفك هذا التحالف مع السلطة في حقبة رئاسة الشيخ ناصر المحمد للحكومة.
أما من الجانب الآخر نجد أن كثير من الليبراليين الذين كانوا أعداءً للحكومة تحديداً حكومات الشيخ سعد العبدالله تحولوا الى صفوف الموالاة لحكومات الشيخ صباح الأحمد ومن بعده ناصر المحمد، باستثناء بعض الاستجوابات التي قدمت لشيوخ آخرين مثل أحمد الفهد و علي الجراح.
هذه اللعبة التي أقحمت فيها الحكومة التيارات السياسية استطاعت أن تضعف موقفها في الشارع وتفقد مصداقيتها، حتى اصبح اغلب الكويتيين لا يُفضلون “المرشح الحزبي” اعتقاداً منهم بأنه ينفذ اجندة معينة!
حتى وصلنا الى مرحلة تشكل فيها سياسين لكن غير مُسيسين، بمعنى ان ليس لديهم موقف فكري واضح من القضايا العامة، واصبحنا نُعَرِف السياسين على اساس “هذا تبع فلان” لأن مع الاسف اصبح الكثير من السياسيين ينفذون أجندات إما شيخ أو تاجر، إلا من رحم ربي وهذا الوضع بلا شك غير صحي.
في الختام أعتقد أنه بعد موجة الربيع العربي اقتنع الكثير من الشباب بأن الصراعات الحزبية لا تقود الناس الى بر الأمان في الوطن العربي، فدائماً كانت السلطة تلعب على تناقضات هذه التيارات، حيث أنه في المحصلة النهائية الرابح الوحيد هي السلطة عبر سياسة “فرق تسد”.
ان الصراعات الحزبية في الكويت او صراع الشيوخ والتجار لن تجدي نفعاً، لذلك ظهرت فئة استطيع تسميتها بـ ( الديمقراطيين الجدد ) باعتبار ان الديمقراطيين القدامى هم الحركة الوطنية الكويتية القديمة التي طالبت بانشاء برلمان كويتي في الثلاثينيات، و اوجه التقارب بين تلك الفئتين هو تجاوز البعد الايدلوجي، بحيث تصبح الديموقراطية هي الغاية الاساسية في الصراع مع السلطة، وهذا لا يعني التنازل عن المواقف الفكرية بقدر ما يعني ايجاد صيغة لطرح هذه الافكار بشكل سلمي، بهذا المعنى نستطيع ان نربط بين خطاب الحركة الوطنية الكويتية ( الديمقراطيين القدامى ) وخطاب الديمقراطيين الجدد.
لذلك الشباب النشطين في المجال العام حالياً كثير منهم يتبنى افكاراً سياسية معينة، لكن جل اهتمامهم هو تأجيل طرح كل تلك القضايا الخلافية، و ترسيخ فكرة الديموقراطية في الكويت بوصفها حلاً للصراع السياسي، فالفكرة هو ان نتصارع سياسياً داخل اللعبة الديموقراطية وليس خارجها، لن يرضى هؤلاء بأن تتلاعب بهم السلطة كما حصل في السابق، فالجميع متفق على ان هناك خلل في النظام البرلماني، وخلل في العمل السياسي، فالبلد متراجع في جميع مجالاته، ولا يمكن الحديث عن اصلاح نوعي ( تعليم/صحة/رياضه) ما دامت البيئة السياسية غير صالحة، فالذي يجمع “الديمقراطيين الجدد” هو مشروع الاصلاح السياسي الديموقراطي الذي كلما تم تأجيله كلما تراجع البلد أكثر فأكثر.
عبدالعزيز السيف
المقال يحوي على العديد من المغالطات التاريخية وتنقصه الدقة ، من هم الليبراليون الذي تحالفوا مع ناصر المحمد ، انا استجواب علي الجراح فهو استجواب وطني شارك فيها عدة قوى منهم مثلا مسلم البراك ، كمامن هم الديمقراطيين الجدد ومن يحدد منهم وكم عددهم وماهي انشطتهم وهل هم فقط من يطرحوا الاطروحات الديمقراطية ! اول من قدم قانون الانتخاب لمجلس الأمه هو المنبر الديمقراطي الكويتي واغلب الديمقراطيين الجدد لم ينخرطوا وقتها بالسياسية
بل حتى تعديل قوانين الحريات او الجرائم الالكترونية واستبدال عقوبة السجن بالخدمات الاجتماعية قدمها المنبر الديمقراطي سنة ٢٠١٦ رغم مقاطعته الانتخابات ، المجاميع الوهمية التي تلم هواة السياسة والطامعين بالانتخابات لن تحل محل القوى السياسية التي مازال امتدادها التاريخي منذ ١٩٩٢ ، التعاون والتكامل مهم ويد واحدة لن تصفق