لكل شيء في الوجود خطة رئيسة أو خطة رئيسية ولابد لكل عمل متقن و مرجو أن يكون هناك له من خطة بديلة ، أو عدة خطط بدائل لكل شيء ذو شأن ولكل أمر مهم وجدّي ومصيري ،
أو لكل جهة تملك من التخطيط والدراية والعناية أبجدياتها ورؤس أقلامها
فإنه حتماً سيكون هناك أعمالاً تنموية وبنائيةً مستدامة قائمة على خطط مرحلية واستراتيجية ومرتبطة بالضرورة بخطوط رئيسية للانتاج أو خطوط انتاج موازية وكذلك خطوط انتاج أخرى بديلة.
***
نحن في بلادنا كما هي الشعوب في الدول الاستهلاكية (النامية) الفاشلة إدارياً وفنيّاً وتسويقاً وتخطيطاً خطتنا الرئيسة والرئيسية تتمحور حول ما في أيدينا من سيولة مالية ( المجهزة للصرف والانفاق فقط ) أو ما في باطن أرضنا من موارد وثروات طبيعية وهو ما نستخرجه وننتجه منها كمادة النفط الخام مثلاً.
لا نؤمن بالأفكار الانتاجية الخلاقة ولا بالارتجال الانتاجي الحقيقي ولا حتى بالمقاربة أو الاقتباس الايجابي من النماذج الابجابية الناجحة التي تتشابه الى حدٍ ما مع امكانياتنا ومعطياتنا ومقوماتنا وبالتبعية لا نؤمن بتنويع مصادر الدخل القائم على ما نملكه من معطيات وما نحتاج اليه من ضروريات ولا نؤمن بشيء عملي ومنتج ومفيد سوى ايماننا الحقيقي الراسخ في وجداننا المتقوقع على ما يحيط به ويحتويه من خرافات وتخلف والذي لاينفك عن حالة الارتباط الشديد بنظرية وفلسفة هذا ما كان عليه آباؤنا الاولين من أُمية عملية وعلميّة وضحالة وهزالة انتاجية ، أو (المتمرغ) بتراب الهامش المظلم والسيء من تراثنا المليء بالاتكالية في جوانبها السلبية والمعتمة.
والتي كنتيجة عقلية طبيعية منطقية لاتنتج شيء حقيقي أبداً سوى التخلّف والتقهقر في سلّم الدول لاسيما سلّم الدول المتقدمة.
وهذا الخمول الفطري المبني على عدم وجود الرؤية وليس فقط عدم وضوح الرؤية
والقائم قيامةً وجودية مريبة على الاستسلام القسري للريعيّة و قلة الحيلة الخلّاقة والمراكم لحاجتنا الدائمة للآخر أو للجهات المصدّرة الدائمة والتي نكون نحن لها بمثابة مستوردين دائمين وتابعين مضمونين أيضاً
نحن دائما ما نُستخدم كممرات تسويقية وسوقية لصادرات الآخرين و دائما ما نكون في حالة حرب بالوكالة دفاعاً عن مصالح هذه الجهات المصدّرة ، حتى وإن كان بما يتضاد ويتعارض مع مصالحنا
وهذه المعتقدات الاقتصادية السيئة والأفكار الاستهلاكية السلبية رغم محاولاتنا الحثيثة لترشيدها والرقي بها وصولاً لالغائها ، إلا أنها باقية وطاغية على أي أفكار أو معتقدات تختلف معها
حتى و لو كانت أفكاراً ومعتقدات مصلحيّة وقطعية الدلالة والثبوت والنتائج الحتميّة وفي سياق واتساق مع مفاهيم السيادة الوطنية و تحرير السوق والقرار الاقتصادي.
خططنا الرئيسة قائمة دائماً على الوعود المستقبلية الزائفة بعيدة المدى والتي ليس لها أدنى دعائم واقعية محددة أو أيّة تفاصيل موضوعيّة مجرّدة.
***
وخططنا البديلة هي مجرّد إدعاءات غير دقيقة فنيّاً ومجانبة للصواب عقليّاً و تطبيقاً عمليّاً وغير مرتكزة أساساً على الأسس الضرورية لاي أمرٍ وغير مرتبطة أو ملتزمة كذلك بأي شروط تصنيفية لأي شيء
وانما تقوم كل هذه الخطط الرئيسة منها والبديلة على الهذرولوجيا المطاطة والمضخمة بأشكال متضاعفة ومتضاخمة الفراغ ولا متناهية الخيال الفارغ من أدنى درجات المحاكاة أو الموضوعية وهو مانسميه في منتدياتنا الاجتماعية بـ (الهياط).
طبعاً من المفارقات العجيبة أننا نعلم أن هذا (الهياط) أمر سيء وغير ايجابي وتهمة غير مقبولة والدليل هو تقاذفنا لهذه التهمة وعدم قبول أحدنا بها ،
ومع ذلك نضطر تحت ضغط الإحراج الأخلاقي والحرج الأدبي من قلة الحيلة الإدارية أو المنطقية حتى في التبرير ، الى اللجوء للتدليس وتزييف الواقع السيء و الى الاستمرار في اقتراف هذه التهمة (الهياط) و تكرار هذا الذنب.
***
وبكل تأكيد وتاكيدا لواقعنا البائس فلا خطتنا الرئيسة ناجحة ولا خططنا البديلة (إن وجدت طبعاً) قابلة للنجاح ايضاً ،
مازلنا نعيد تكرار الخطوات الخاطئة ونتوقع نتائج مغايرة !!
ولا زلنا ندور في نفس هذه الدائرة المغلقة من اللاوعي المعتمد على اللامبالاة الإدارية
ونزعم أننا نحسن صنعاً !!
ولا زلنا منذ تصديرنا أول شحنة بترول خام من اراضينا عام 1946 ، ومروراً ( بالاستقلال من الاحتلال )عام 1961 ، مروراً كذلك باصدار ( الدستور ) عام 1962 ، وصولاً لكارثة الغزو العراقي الغاشم عام 1990
و من ثم التحرير عام 1991 ، وحتى تاريخ هذا اليوم ونحن لم نحرك ساكناً ولم نتحرك الى الأمام
بل مستمرين كما اسلفت في الدوران في دوائر مغلقة على مابها من انغلاق فكري من حيث الرؤى السياسية او الاقتصادية او حتى العقلية والمنطقية .
لم ننتج من هذا ( الذهب الأسود ) الذي تنتجه الأرض من تحت أقدامنا بكل أسف طوال هذه
الـ 77 عاماً
لا بلداً صناعياً ولا بلداً زراعياً ولا حتى مركزاً ماليّاً أو تجاريّاً حراً
يحقق لنا السيادة الكاملة والاكتفاء الذاتي ، و لم نصل ألى أي نوع من انواع الأمن الإنتاجي
سواءً الأمن الزراعي غذائياً وخلافه أو الأمن الصناعي دوائياً وخلافه أو حتى الأمن الاقتصادي .
حماد مشعان النومسي
ايميل [email protected]
تويتر @hammad_alnomsy
أضف تعليق