آراؤهم

قانون الصقعبي واستجواب عبدالكريم

إذا كان الجهاد هو ذروة سنام الفعل السياسي فإن أدناه هو الخطابات الجماهيرية الفارغة. لذلك، إن أردنا الانتقال من الأقوال إلى الأفعال فأمامنا الاقتراح بقانون الذي قدمه د.عبدالعزيز الصقعبي والاستجواب الذي سيقدمه د.عبدالكريم الكندري. اختبارين حقيقيْن أمام كل النخب السياسية حكومة وشعباً وبرلمانيين. إن كنتم تريدون التأثير التكتيكي على مجريات معركة طوفان الأقصى فأمامكم الاستجواب وإن كنتم تريدون حماية بلدكم من التطبيع فدونكم القانون. كيف ذلك؟
بالنسبة للاقتراح بقانون الذي قدمه النواب الصقعبي و سعود العصفور و مهند الساير وعبدالله المضف فإن فيه مادة تنص على الآتي: “يحظر التعامل، أو التطبيع، أو إقامة أي اتصالات أو علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل…” وهذه هي الفقرة الأهم لأنها تمثل عقبة أمام الحكومة إن أرادت لا سمح الله أن تسلك طريق التطبيع. وليس سرّاً أن التطبيع مع دولة الصهاينة هو على رأس أجندة الإدارة الأمريكية وستضغط على الحكومة الكويتية لا محالة. هذا القانون فضلاً عن أنه عقبة أمام الحكومة تجاه أي سلوك تطبيعي فإنه حجة قوية تستطيع الحكومة الاحتجاج بها للتملّص من الضغط الأمريكي.
قد يتبادر في ذهنك سؤال: ألا تكفي القوانين الحالية لتحقيق تلك الغاية؟ لا تكفي.
فالمنظومة التشريعية الحالية تضم مرسوم الحرب الدفاعية والقانون الموحد لمقاطعة إسرائيل. والمرسوم يُلغى بمرسوم (قرار حكومي منفرد) والقانون الموحد يجرّم التعاون التجاري فقط ولا يمتد للعلاقات الدبلوماسية. لذا فهما لا يمثلا حائط صد أمام المشروع الأمريكي للتطبيع. وهنا تكمن أهمية إقرار هذا القانون قبل أن تضع هذه الحرب أوزارها ويتفرغ الأمريكان والصهاينة لاستكمال مشروعهم.
أما بالنسبة لاستجواب د.عبدالكريم الكندري الذي سيقدمه لوزير الخارجية حال اعتماد أوراق السفيرة الأمريكية المعينة حديثاً فإنه مهم لأسباب ذكرها بنفسه في حسابه بتويتر، ولكن الحديث هنا عن أثره المتعدِ. فإن استجاب الوزير سيكون الأمر مثار نقاش في الخارجية الأمريكية المسؤولة عن الملف و لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ التي أقرت اسم السفيرة و البيت الأبيض الذي رشحها.

لذلك سيمثل لهم هذا الأمر صفعة قد توقظهم، إذ أنهم ألفوا التعامل مع المستبد الفرد ولم يعتادوا على التعامل مع برلمان عربي حقيقي يعبر عن نبض الشعب العربي الذي يعلمون جيداً أنه في خندق المقاومة الفلسطينية منذ قرن من الزمان. لا أدري ماذا ستكون ردة الفعل ولكني متيقن أن هذا الفعل ذا أثر في المؤسسات الأمريكية وسيكون له صدى في إعلامها. ولعل الرسالة تصل بأننا قادرين على القيام بالفعل السياسي. رفض اعتماد السفيرة سيحقق هذا المكسب. وسيعمق حتماً الخلاف الحاد داخل الخارجية الأمريكية والذي ظهرت بوادره باستقالة مسؤول كبير فيها يدعى جوش بول والذي كتب باستقالته المنشورة في نيويورك تايمز أنه لا يستطيع البقاء في وظيفة تساهم في قتل المدنيين الفلسطينيين. وقال بول أنه يتوقع استقالات قادمة و معارضة صريحة لقرارات إدارة بايدن داخل الخارجية. في هذا السياق فإن رفض الاعتماد سيعزز موقف تيار عريض داخل الخارجية الأمريكية. هل استوعبتم أهمية الخطوة وتأثيرها؟
ولو فرضنا أن الوزير لم يستجب فإن إقصاءه من المشهد السياسي نتيجة هذا الفعل سيصل أيضاً إلى مسامع المؤسسات الأمريكية التي ستصلها الرسالة التي نريد.
للقانون والاستجواب أهمية قصوى. فكما أن القانون هو موقف استراتيجي سيحمي الكويت من ضغوط التطبيع فإن الاستجواب موقف تكتيكي فيه رسالة واضحة للإدارة الأمريكية أن الهوان العربي الذي بدأ في كامب ديفيد انتهى في معركة طوفان الأقصى. على النخب السياسية والرأي العام الضاغط أن يدعموا الاستجواب والقانون واستعجالهما قبل نهاية هذه الجولة من حربنا مع المشروع الصهيوني. لا تقل ليس بيدي شيء ولا تتحجج بمنطق العاجز. ففي كف عندك القانون وفي الأخرى لديك الاستجواب ادعمهما ما استطعت، وإلا فأنت وأرباب بيانات الشجب والاستنكار سواء.

عمر صلاح العبدالجادر

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.