قبل أن أقدم نصيحة لحكومة سمو الدكتور محمد صباح السالم, رغم أن هذا المقال كتب وفي صلب هذه النصيحة التي أرى من وجهة نظري أنها أولى لبناة وطريق الإصلاح, لكن أعلم جيداً ان عنوان هذا المقال, او المانشيت سيزعج الكثيرين وخصوصا أولئك الذين يرون بأنفسهم انهم كما (حامي الديار) في المسرحية الشهيرة, بل ان تلك المسرحية ولدت قبل المرض الذي تحاول معالجته, مرض الطوائف المتصارعة, وصاحبة الامتياز في كل شيء, المواطنة وما تعطي تلك المواطنة من خدمات وملحقات, وحده وجماعته لا غير!
أن أولئك الذين يرون بأنفسهم حامي الديار, لم يكونوا ضد أحزاب وأفكار كما في المسرحية الشهيرة, بل ضد اعراق ودم واصول, ومع فكرة من الذي قدم مبكرا هو من يستحق امتياز المواطنة ويستحق امتيازاتها لا غير, وهذا صلب تفكير أبناء القرى في كل المعمورة, التوجس من الغريب الذي لا يسكن بنفس البقعة الجغرافية الصغيرة التي يعيش بها, نراها اليوم في كل (فريج) في الكويت, يستغربون القادم الجديد ان لم يكن زائرا, يسألون عن أسباب قدومه ومتى رحيله, وعن أي ارض أخرجت أو أي بيضة تفتقت عنه وفي أي عشٍ دعج!, اما الدولة والامارة شأن اخر, امر ممتد, يتجاوز الشوارع والاسوار والقرى, بل هي ذلك الكيان الذي يجمع القرى وبواديها وأريافها, ويخلق الكيان الاوسع ترحب بالقادم ان كانوا ذوي منفعه بل ان المسألة العددية مهمة للدولة فالاكثر عددا عصبة يمكن ان تفيد اقتصاديا وعسكريا، والمواطنة ترحب بالعقول والابدان فقط وحدها القرية التي لا تريد وجهاً مختلفا ولا لساناً جديدا ولا أزياء مختلفة وتلعن المدن الكبرى وازدحاماتها بلا سبب وتتوجس خيفة من الالسنة العديدة والازياد المتضادة والوجوه المتنوعه, فهل هناك شك الى الان, ان الكويت قد أنحدرت للقرية؟
اذ رحمة الله على الدكتور أحمد الخطيب, رأى في مذكراته ان الكويت انتقلت من الامارة الى الدولة ثم انحدرت من الدولة الى الامارة في مذكراته وكان عنوانها بجزئيها كذلك, ولكن اعمق من الخطيب, أرى ان الدولة خلال اكثر من عقد, انحدرت من الدولة الى القرية مباشرةً, فالامارة واسعه كما يعرف الجميع, تجمع قرى عديدة وكيانات اكثر, وهي السلطة الجامعة لكل ذلك بل ان الكويت ككيان تاريخي منذ مبارك الكبير وقبله وبعده أكبر من تلك البضع كيلومترات التي يحشر أولئك, الكويت فيها ويحصرونها بها! , فهل هناك شك من ذلك عند كل تلك الفرق المتخاصمة على من هم حامي الديار ومن هم الكويتي البيور؟
لماذا يا سمو الدكتور, افتح هذا الملف رغم أن الكثيرين يرى اننا تجاوزناه, بل نحن في مرحلة ملف الإصلاح وتصحيح المسار, لماذا نعيد ملف المواطنة؟ في الحقيقة هذا الملف هو اكبر حجر عثرة تسد الطريق, اذ لا خلاف أن الجميع, وأقصد هناك حماة الديار من الفرق المتشاكسه والمتصارعة ترى ان الإصلاح لا يمر الا منها, وان أي اختيار وزير أو مسؤول ليس من جماعتهم او استظل تحت ظلال رايتهم انما مصلح لجماعته فقط, والإصلاح لا يمر الا من خلالهم ومن أبنائهم ومن فريقهم! بل اعمق من ذلك, نرى تصفية الحسابات النيابية من خلال الاستجوابات, تنقلب من مسائلة سياسية بين وزير مثلا من الاخوان المسلمين او السلف أو الليبرال الى مسائلة جماعة فلان على جماعة فلان وكأننا في معركة داحس والغبراء وكأن البرلمان عبس وذبيان فيها, فمن اقتص رأسا لذبيان, ثارت لها ذبيان كلها, وامام سمو الرئيس أيضا ملف ثقيل الحجم وهو القيادات التي تقريبا ثلثين الدولة تحتاج تعينات فيها, فألا ترى يا سمو الرئيس, داحس وغبراء يلوح غبارها من بعيد وانت الى الان لم تبدأ بالتعيين؟ فكل فريق وكل حامي ديار, يفزع لجماعته, لأننا للأسف منذ اكثر من عقد داخل معادلة حامي الديار, المعادلة التي أصبحت فيها الدولة قرية وغنيمة, وامتياز خاص لسين من الناس دون العالمين.
لذلك يا سمو الرئيس, واقولها نصيحة, اخرجنا من هذه المعادلة التي ربما كانت ذات فائدة في اول الامر, اذ جمعت صفوف حول الحكومات السابقة, ولكنها مع الوقت بدأت تتفتت وتخرج عن السيطرة, حتى اصبحنا لا نعرف من هو المواطنة الحقيقي الذي يمكن ان يكون كويتياً واصبحنا لا نعرف كم داحس وغبراء, ستوقد نارها في كل قرار ستتخذه لن يكون على هوى احد حماة الديار وامراء الطوائف التي صنعتها حكومات سابقة لغاية قصيرة المدى حتى صار كما قلت في اول المقال, حجرا عظيماً يسد كل شيء, وبلا شك هي اهم واكثر الألغام في طريق قراراتك كلها من تعيين القيادات الى استجوابات وزرائك, والمسيح عليه السلام يقول:” لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك, وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ”
فأخرجنا يا سمو الرئيس, من معادلات القرية وحامي الديار, والمواطن الحقيقي واللفو والتأسيس والتجنيس, لنسلم على دولة ولا ننحدر اكثر الى القرية، فتظفر باصلاحك الذي لا تتخاصم على رايته حماة الديار المزعومين، ولا يعرقله زعماء الصراعات وداحس والغبراء.
عبدالعزيز عمر الرخيمي
أضف تعليق