نحن لم نشهد حربا إسرائيلية – إيرانية حتى الآن، بل نسمع قرع طبولها، وأخطبوط الحرب قد يمد أذرعته إلى أنحاء ودول أخرى في المنطقة، مما ينذر بخطر داهم على منطقتنا ككل، ولكن من هما في الواجهة حاليا إيران بكماشتها الإقليمية في طرف وإسرائيل برأس حربتها الصهيونية المتطرفة في الطرف الآخر في مشهد يحبس الأنفاس.
لدى دولة الكويت خصوصية إزاء هذه الحرب التي تدور رحاها في غزة منذ أشهر عدة إذ مازال المرسوم الصادر عام 1967 في شأن أن دولة الكويت في حرب دفاعية ضد العصابات الصهيونية ساري المفعول، وذلك يضعنا أمام استحقاقات إزاء التطورات الإقليمية لاسيما المتعلقة في الحرب التي تشنها إسرائيل على أهالي غزة، مما يجعل موقف الكويت مغايرا لمحيطها الإقليمي.
لعل أكثر ما يبرر الموقف الكويتي العام إزاء حرب في غزة وبخاصة مرسوم الحرب الدفاعية هو الإبادة الجماعية وسياسة الفصل العنصري التي تشنها إسرائيل على غزة والتي أسفرت حتى الآن عن عشرات آلاف من الشهداء والجرحى من أهالي غزة وعربدتها الإقليمية التي تنذر باندلاع حرب إقليمية تهدد أمن واستقرار الكويت والمنطقة ككل.
هناك استحقاقات عامة تطرحها الحالة الإقليمية الحالية أو أي حالة مماثلة قد تطرأ مستقبلا على الساحة الكويتية وهي الأخذ بعين الاعتبار التوازنات الإقليمية وصيغة التعاون الدولي كذلك، إذ من الضروري ربط المصالح الكويتية بشبكة علاقات إقليمية سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية وسياحية واسعة توجد حالة من التوازن والاستقرار للكويت وتجعل الكويت مرتبطة بطائفة واسعة من العلاقات المتعددة على الأصعدة المختلفة مع دول الإقليم، وهنا لا يمكن إقصاء أي دول إقليمية من دائرة الاهتمام الكويتية، بل يجب تنمية تلك العلاقات ورعايتها بما يخدم المصالح الكويتية وإيجاد حالة من التوازن بينها الترويج لها ولكنه على الرغم من النشاط الدبلوماسي الكويتي الملحوظ الذي بذل خلال الحرب في غزة والمأساة الإنسانية المصاحب لها إلا أن ذلك الموقف لم يحظ بذات القدر من الدعم الإعلامي الكويتي على الصعيدين الداخلي والخارجي.
نحن معنيون بأن نأخذ بعين الاعتبار جملة العلاقات التي ترتبط بها دولة الكويت وبخاصة الاتفاقيات مع الدول الكبرى ومراجعتها والنظر في مدى جدواها وتحقيقها للأهداف المرجوة منها والتساؤل إذا ما هي تشكل عامل استقرار في صيغتها الحالية أم أن هناك ضرورة لإعادة النظر فيها واستثمارها في نواحي أخرى لتامين أمن وسلامة الكويت؟.
من الضرورة بمكان أن تعمل الكويت على استراتيجية واضحة ذات أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية على الصعيدين الإقليمي والدولي لمواجهة كل الحالات الطارئة كالكوارث الطبيعية والأوبئة والحروب ومد جسور التعاون دون الاخلال بالتوازن الذي طالما اتسمت به السياسة الكويتية.
الأمر لا يقتصر على النواحي الإقليمية والدولية فحسب فلابد من توصيد اللحمة الاجتماعية بين مختلف مكونات المجتمع الكويتي في ظل هذه الظروف، وتعزيز شعور الانتماء والولاء للكويت والالتفات حول شرعيتها وصيانة أطرها الدستورية ومقومات الدولة فيها.
لا شك أننا نمر في ظرفين إقليمي ودولي دقيقين ناجمين عن تداعيات الحرب في غزة، والمناوشات بين إسرائيل وإيران تضعنا أمام استحقاقات محلية وإقليمية ودولية تستدعي الحيطة واليقظة، وبخاصة أن الأوضاع في المنطقة لن تعود كما كانت حتى وإن وضعت الحرب في غزة أوزارها.
عبدالحكيم الرفاعي
أضف تعليق