يمكن على وجه العموم تعريف الغش بأنه عملية تحايل للاستحواذ على منفعة أو منافع بطرق غير شرعية أو قانونية. والغش مستنقع الفساد ، ورأس كل خطيئة ورذيلة أخلاقية ، فهو يورث الأخلاق الذميمة الأخرى ، كالخداع والاحتيال والكذب والخيانة والتزوير والسرقة.
ويعتبر الغش آفة اجتماعية خطيرة ، تفتك بالمجتمع وتهدم قيمه ومبادئه ، وتلحق أضرارا جسيمة بأفراده ، وتهدد وتجهض مشاريع التنمية والتطوير. وعلى المستوى الفردي ، ينم الغش عن شخصية انتهازية ، تتسم بالأنانية واللامبالاة ، والقلق والعجز ، والتواكل وضعف الثقة بالنفس ، فضلا عن ضعف أو غياب الوازع الديني ومراقبة الله تعالى.
لقد ذمت الشريعة الإسلامية الغش بأنواعه وأشكاله ، وحرمته وتوعدت مرتكبيه ، كما هو ثابت في النصوص الشرعية ، بل أن بعض العلماء عده كبيرة من الكبائر. وللغش مظاهر كثيرة متعددة ، وما يهمنا في هذا المقال هو التطرق للغش في قطاع التعليم.
في الاصطلاح التربوي يعرف الغش بأنه استخدام الطلبة لوسائل غير مشروعة لإحراز مراكز ونتائج متقدمة ، للحصول على امتيازات وظيفية. وهذا يشمل الغش في الاختبارات والواجبات المدرسية والأبحاث ومشاريع التخرج ، وغيرها. لا يكاد يخلو أي مجتمع من ظاهرة الغش في التعليم ولكن بصور متفاوتة. ومجتمعنا ليس بمنأى عن هذه الظاهرة التي تعيق المنظومة التعليمية وتخل بأهدافها وغاياتها ، وتعطي صورا مزيفة عن نتائج التقويم التربوي ، وتنتج جيلا فاقدا للكفاءة والأهلية والنزاهة ، تنعكس آثاره الكارثية عندما يتبوأ هذا الجيل مناصب قيادية ويكون صانع قرار ، وتحت تصرفه موارد الدولة ، ويتحكم بمصائر ومستقبل الناس.
لذلك فإن مكافحته ومعالجته واتخاذ التدابير اللازمة للحد منه هي مسؤولية مجتمعية مشتركة ، تساهم فيها مؤسسات الدولة ذات الصلة (وزارة الإعلام ووزارة الأوقاف والهيئة العامة للشباب على سبيل المثال) ، ومؤسسات المجتمع المدني ، والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي ، وليس وزارة التربية فقط.
ولا شك أن للأسرة أيضا دور هام في الوقاية والمواجهة لهذه الظاهرة ، من خلال مراقبة وتبصير الأبناء بالأضرار الفادحة الناجمة عن هذه السلوكيات المنحرفة ، وتنمية الوازع الديني وغرس القيم الاجتماعية لديهم ، قولا وعملا ، وتعميق هذه القيم بالتعاون الوثيق والمستمر بين الأسرة والمؤسسات التعليمية والمساجد ، فهذا حري بأن ينشئ جيلاً واعياً مسؤولا وذاتي الرقابة والمحاسبة.
د.جاسم الفهاد
أضف تعليق