كبير العلماء العرب أحمد حسن زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لسنة 1999 ذو الأصول المصرية من مدينة دمنهور ، تلقى تعليمه في مصر الحبيبة وحصل على بكالوريوس العلوم ومن ثم حصل على الماجستير في بحثه عن علم الضوء ( نورٌ على نور يا زويل ) حتى سافر إلى أمريكا لتكملة الدكتوراه فاختطفته بلاد العم سام ، عليها لعنة الله والناس والملائكة أجمعين، حيث أنها تقوم بجمع الجواهر من شتى بقاع الأوطان التي لا ترى قيمة للعلم والمعرفة بقدر اهتمامها بالأصول والأعراق والعادات والتقاليد و”القوانين” ومنحته الجنسية الأمريكية في سنة 1982 ليصبح أستاذاً رئيسياً لعلم الكيمياء في جامعة كالتك ، ويحصد الجوائز تلو الجوائز وتستفيد الدولة من علمه ومن بحوثه في علم الكيمياء .
وهكذا هي الطيور الجميلة دوماً ، لا تجد غصناً تتكئ عليه ويعينها على مواصلة التحليق والإبداع والحماية من الأعداء حتى تهاجر ويتلقفها الأمريكان وقوم أوروبا مثلما تلقفت اسبانيا براءة اختراع الفتاة المغربية من إحدى البرامج التلفزيونية ، فمنحتها الجنسية الاسبانية والمزايا الإضافية ، وهات يا اختراعات ودوّن يا تاريخ باسم الفتاة ولاسم اسبانيا .
فلدينا في الكويت طيورٌ كثيرة هاجرت أرض الوطن الذي لم يعرها اهتماماً ولم يلق لها بالاً بل شردها ومارس معها أبخس المعاملات وأشنع التصرفات فكان نجاحهم هباء منثورا ، فما كان منهم إلا الهجرة لأي بلد يقدر قيمتهم الإنسانية ويقدر قيمة علمهم وما حصدوه من شهادات عليا بمختلف التخصصات ، وكثيرةٌ هي الأسماء التي لا تحمل جنسية الوطن و قد سكنت أرض الوطن ، والوطن سكن بها ، فكان الجزاء هو الطرد من رحمة الوطن لعدم الاستحقاق ولعدم استكمال مستوى التشريف ! فسحقاً لرجال الوطن القابعين على تلك الأختام التي لا تمنح إلا بصكوك أو صكوك باب الحياة ، فيحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ، ولو عاد الأمر إليهم لأعادوا الهولوكوست النازي لإبادة جماعية لكل مثقف يعيش تحت بند ( غير محدد الإنسانية ) عفواً .. الجنسية .
ولنأخذ المثال الذي يحتذى به على الدوام الشاعرة ( الساحرة ) الأديبة الصحفية سعدية مفرح ، الأولى على مدارس الكويت جميعها في سنة 1984 في المرحلة الثانوية بتقدير امتياز ، وألحقتها أيضاً بتقدير امتياز آخر من جامعة الكويت تخصص لغة عربية في سنة 1988 ومن ثم عملت في جريدة الوطن بطلب من الدكتور أحمد الربعي رحمه الله وخرجت منها بسنة 1993 وذهبت لتعمل في جريدة القبس ولا تزال .
والمُطلِع على مشوار هذه الساحرة سعدية سيجدها وجها مثقفا بدرجة كبرى على مستوى اللغة العربية ونحوها وصرفها ونصوصها ، ويجدها تلك الشاعرة التي قدم لبعض كتاباتها وقصائدها نقد بناء لإحدى الأديبات من دولة عمان الشقيقة ، ويجدها موسوعة شعرية أسرجت خيل ظنونها في عدة كتب نذكر منها “ليلٌ مشغول بفتنة” ، “تواضعت أحلامي كثيراً”، “مجرد مرآة مستلقية”، “الآثام”، وغيرها من الكتب التي جمعت تحت أسم ( مشية الإوزّة ) ومؤخراً صدر لها كتاب جديد بعنوان ( سين .. سيرة ذاتية ناقصة ) وقد قال عنها غازي القصيبي رحمة الله عليه ( قبل أن يشعر أحد بالشفقة على هذه الفتاة المتوارية في صمت الخيمة ، عليه أن يتذكر أنها في النهاية انتصرت على كل فراشات المدن الضوئية ) فهي نهر أبداعي منهمر ، يصب بوفرة خالصة ومشرفة لأوجه ثقافية عدة .
فهي صاحبة المقولة الصادحة ( أنا صحيح بدون جنسية ، لكني لست بدون وطن ) فهي من فئة المغضوب عليهم ( البدون ) الذين يلاقون أشنع التعامل الإنساني في دولة الكويت ، والذين طمست حقوقهم الإنسانية عن بكرة إنسانيتها حتى خُيل لبعض الفئويين من أبناء الكويت بأنهم حاجة زائدة على الوطن ! ويطالبون بإقصائهم بأسرع موت ممكن ، فهكذا دوماً يتم التعامل مع المبدعين المستحقين للتقدير لا أكثر في وطني ، وهكذا يتم التجاهل التام لإنسانية هذه المثقفة التي ينعم من نهرها الأدبي جموع كثيرة ، وهكذا هي سعدية مفرح ، تحمل وطناً ولا يحملها وطن ! .
ربع التفاتة وتبنٍّ أدبيّ يفي، فالالتفات لمثل هذه القامات التي يرتقي بها الوطن وتساهم في رفعته خير من أن يلتفت عنهم ويضلهم السبيل .
تقول سعدية مفرح في إحدى قصائدها :
وطني
لن يأخذوك
وإن أخذوك
فلست تموت
وإن مت
في بيت قلبي
فهل ستموت
في قلب كل البيوت ؟ !
أخيراً :
للأسف أيتها الساحرة .. سعدية مفرح .. مع عدم الإنسانية !
عياد خالد الحربي “twitter @ayyadq8q8
شكرا عياد كم انت رائع