كتاب سبر

القيم هي علاج أزمتنا

يختلف الكويتيون على كثير من الامور و يعبرون عن هذا الاختلاف بطرق شتى و واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار , و لكن هذا الاختلاف في واقع الامر انما يعكس اتفاقاً ضمنياً بين الكويتيين . اذ يكاد اغلب الكويتيين _ يتفق و بخاصة المتابعين للشأن العام _  على ان الكويت في السنوات الاخيرة تعصف بها ازمة لم تنتهي الى الان , او على الاقل لا تلوح في الافق تباشير نهايتها .
بالطبع هناك اكثر من تشخيص للازمة يتزايد بزيادة المهتمين بقضايا السياسة و بشغف الكويتيين الاصيل بالعملية الديموقراطية , فطبيعة المجتمع الكويتي منذ نشأته افصحت عن نفسها بأولوية المشاركة السياسية على ما عداها من قضايا و الشاهد الكبير على ذلك التاريخ السياسي للكويت .وهذا الاهتمام الكبير بقضايا السياسة و الشأن العام هو ميزة تسجل للشعب الكويتي غير ان الازمة التي تشهدها الساحة السياسية لن يكون هذا الاهتمام الشعبي الكبير كفيلاً لوحده بتخليصنا منها او بوضع نهاية لها
و ذلك لا يعني انه ليست هناك وجهات نظر و اراء لبعض المختصين و التيارات السياسية جديرة بأن تأخذ على محمل الجد و يتم التعامل معها بما تستحق من مسؤولية , فالرأي القائل بأن الساحة السياسية في الكويت بحاجة الى تنظيم و اعادة صياغة لقوانين اللعبة السياسية هو صائب تماماً فذلك من شأنه ان يضبط السلوك السياسي و يخلق شفافية في العمل العام بحيث يمكن تمييز الاهداف المغشوشة عن تلك الصحيحة التي يسجلها طرف في مرمى الطرف الاخر ..!! و اصحاب هذا الرأي محقون في ما يقولون فالعملية السياسية دون قوانين متكاملة لا يمكن ان تكون الا عرجاء في مسيرتها .
كما ان هناك اخرين يعتقدون بأن الازمة الراهنة سببها الاساسي يعود الى ضآلة المشاركة السياسية , فهناك _ برأي هؤلاء _ شرائح و فئات واسعة و مستبعده عن الحراك السياسي و المشاركة قيه , و هو ما يؤثر بالتالي على زخم النشاط السياسي في الكويت و جعله الى حد ما ممارسة تتجه الى جزء من المجتمع و ليس الى غالبيته العظمة , او كما يقول المثل الشائع فأن الجميع لا يكونون على المركب نفسه و يجدفون مع البقية , فهم ليسوا سوى طاقة مهدرة و بخاصة الشباب دون السن القانوني للأنتخاب ..!!
وهذه الاراء لا يختلف احد على وجاهتها و لكنها تبقى جزئيات تتعامل مع جانب من جوانب القضية السياسية و ليست القضية كلها . فالازمة حسبما نراها تتميز بأنها مستديمة وتتكرربصورة روتينية , اذ انها تخفت قليلاً لتعود مرة اخرى , تختفي من إشكال سياسي لتبرز من خلال إشكال سياسي اخر , و استدامتها تكلف البلد الكثير على كافة المستويات . اذاً نحن امام ازمة اسباب وجودها و قوتها ما زالت ثابته و نشيطة , و ذلك ما يمكن ان نسميه بالاختناق السياسي مثل هذا الوضع هو بالفعل شائك و حرج , ونحتاج الى الكثير لتجاوزه و التغلب عليه , و في ظني ان العمل السياسي بما هو ميزة للأنسان الحي و العاقل فأننا بحاجة الى النظر مرة اخرى في القيم التي نحملها و التي على هديها و رشدها نمارس حياتنا اليومية بكل تفاصيلها و بما فيها العمل السياسي و العام , اننا بحاجة الى استلهام قيم تكون كالبوصلة ترشدنا في لحضات التطاحن والصراع الى حلول خلاقة تسهم في دفعنا الى الامام بدل ان نتدحرج كل مرة الى المربع الاول , لننظر الى موروثنا الاخلاقي و القيمي و بخاصة الروحي و لنحاول ان نستخرج منه القيم التي تساعدنا على بناء مجتمعنا بالطريقة التي نريده ان يكون عليها , و يعلم الجميع ان دعم افراد المجتمع  بعضهم لبعض من خلال القيم التي يؤمنون بها هي طريق الخلاص من الازمات .
و المجتمع الكويتي تتجلى به القيم الرفيعه المستلهمه من ديننا السمح منذ بدايته و حتى وقتنا الحالي و قد آن اوان العودة الى تلك القيم ان كنا صادقين في رغبتنا بالخروج من هذه الازمة

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.