يختلف الكويتيون على كثير من الامور و يعبرون عن هذا الاختلاف بطرق شتى و واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار , و لكن هذا الاختلاف في واقع الامر انما يعكس اتفاقاً ضمنياً بين الكويتيين . اذ يكاد اغلب الكويتيين _ يتفق و بخاصة المتابعين للشأن العام _ على ان الكويت في السنوات الاخيرة تعصف بها ازمة لم تنتهي الى الان , او على الاقل لا تلوح في الافق تباشير نهايتها .
بالطبع هناك اكثر من تشخيص للازمة يتزايد بزيادة المهتمين بقضايا السياسة و بشغف الكويتيين الاصيل بالعملية الديموقراطية , فطبيعة المجتمع الكويتي منذ نشأته افصحت عن نفسها بأولوية المشاركة السياسية على ما عداها من قضايا و الشاهد الكبير على ذلك التاريخ السياسي للكويت .وهذا الاهتمام الكبير بقضايا السياسة و الشأن العام هو ميزة تسجل للشعب الكويتي غير ان الازمة التي تشهدها الساحة السياسية لن يكون هذا الاهتمام الشعبي الكبير كفيلاً لوحده بتخليصنا منها او بوضع نهاية لها
و ذلك لا يعني انه ليست هناك وجهات نظر و اراء لبعض المختصين و التيارات السياسية جديرة بأن تأخذ على محمل الجد و يتم التعامل معها بما تستحق من مسؤولية , فالرأي القائل بأن الساحة السياسية في الكويت بحاجة الى تنظيم و اعادة صياغة لقوانين اللعبة السياسية هو صائب تماماً فذلك من شأنه ان يضبط السلوك السياسي و يخلق شفافية في العمل العام بحيث يمكن تمييز الاهداف المغشوشة عن تلك الصحيحة التي يسجلها طرف في مرمى الطرف الاخر ..!! و اصحاب هذا الرأي محقون في ما يقولون فالعملية السياسية دون قوانين متكاملة لا يمكن ان تكون الا عرجاء في مسيرتها .
كما ان هناك اخرين يعتقدون بأن الازمة الراهنة سببها الاساسي يعود الى ضآلة المشاركة السياسية , فهناك _ برأي هؤلاء _ شرائح و فئات واسعة و مستبعده عن الحراك السياسي و المشاركة قيه , و هو ما يؤثر بالتالي على زخم النشاط السياسي في الكويت و جعله الى حد ما ممارسة تتجه الى جزء من المجتمع و ليس الى غالبيته العظمة , او كما يقول المثل الشائع فأن الجميع لا يكونون على المركب نفسه و يجدفون مع البقية , فهم ليسوا سوى طاقة مهدرة و بخاصة الشباب دون السن القانوني للأنتخاب ..!!
وهذه الاراء لا يختلف احد على وجاهتها و لكنها تبقى جزئيات تتعامل مع جانب من جوانب القضية السياسية و ليست القضية كلها . فالازمة حسبما نراها تتميز بأنها مستديمة وتتكرربصورة روتينية , اذ انها تخفت قليلاً لتعود مرة اخرى , تختفي من إشكال سياسي لتبرز من خلال إشكال سياسي اخر , و استدامتها تكلف البلد الكثير على كافة المستويات . اذاً نحن امام ازمة اسباب وجودها و قوتها ما زالت ثابته و نشيطة , و ذلك ما يمكن ان نسميه بالاختناق السياسي مثل هذا الوضع هو بالفعل شائك و حرج , ونحتاج الى الكثير لتجاوزه و التغلب عليه , و في ظني ان العمل السياسي بما هو ميزة للأنسان الحي و العاقل فأننا بحاجة الى النظر مرة اخرى في القيم التي نحملها و التي على هديها و رشدها نمارس حياتنا اليومية بكل تفاصيلها و بما فيها العمل السياسي و العام , اننا بحاجة الى استلهام قيم تكون كالبوصلة ترشدنا في لحضات التطاحن والصراع الى حلول خلاقة تسهم في دفعنا الى الامام بدل ان نتدحرج كل مرة الى المربع الاول , لننظر الى موروثنا الاخلاقي و القيمي و بخاصة الروحي و لنحاول ان نستخرج منه القيم التي تساعدنا على بناء مجتمعنا بالطريقة التي نريده ان يكون عليها , و يعلم الجميع ان دعم افراد المجتمع بعضهم لبعض من خلال القيم التي يؤمنون بها هي طريق الخلاص من الازمات .
و المجتمع الكويتي تتجلى به القيم الرفيعه المستلهمه من ديننا السمح منذ بدايته و حتى وقتنا الحالي و قد آن اوان العودة الى تلك القيم ان كنا صادقين في رغبتنا بالخروج من هذه الازمة
أضف تعليق