المصريون كانوا يطلقون على شارع عبدالخالق ثروت بالعاصمة القاهرة شارع الحرية، فالشارع يتضمن أهم ثلاث نقابات تدافع عن الحرية في تفردات الاستبداد والطغيان. فهناك نقابة المحامين صاحبة التاريخ الطويل في الدفاع عن المقهورين والمظلومين.. واشتبكت كثيرا مع الأنظمة الحاكمة في مسيراتها الاستبدادية.
والأمر أيضا في نقابة الصحفيين التي كانت دائما في خصومة مع الأنظمة الحاكمة التي كانت دائما وأبدا تريد تكبيل حرية الرأي والتعبير ومصادرة حرية الصحافة، وتريد أن تكون الصحافة متحدثة باسمها.. منافقة وموالسة لها.. فكان لابد من الاشتباك ومحاولات الأنظمة ترويض الصحافة عن طريق تأميمها تارة.. وتجنيد رؤساء تحريرها لخدمة النظام تارة أخرى.. مع التهديد بحبس أي صحفي “وبالقانون” عندما يخرج عن النظام الذي تم وضعه.
وثالث النقابات في شارع الحرية هو نادي القضاة، وهو الذي كان يحاول إرساء مبدأ استقلال القضاء .. لكن كان يحارب من النظام دائما، ووقف ضده عبد الناصر والسادات ومبارك.. ورغم ذلك حاول القضاء أحيانا الفرار على يد عدد من القضاة المستقلين من تدخل الأنظمة.. وقد شاهد الشعب المصري انتفاضة القضاة في عام 2005 والتحم الشعب معها ظنا منه يومها أنهم في إمكانهم التخلص من استبداد وطغيان نظام مبارك.. ولكن استطاع النظام الالتفاف حول مطالب القضاة وأجهض حركتهم، مما دعا رموز الاستقلال إلى الهجرة خارج البلاد.. كما كشف القضاة وقتها تزوير النظام لكافة الانتخابات والاستفتاءات التي أجريت في مصر.. وفضحوا النظام الحاكم.
هذا هو مثلث الحرية في مصر المتمثل في شارع عبد الخالق ثروت والذي استطاع نظام مبارك السيطرة عليه. وقد انتقل هذا المثلث إلى الدول العربية في ثورات “الربيع العربي” لتنطلق الحرية في العالم العربي من استبداد الأنظمة الطاغية، فكانت تونس الضلع الأول في المثلث التي ألهمت الشعب المصري ليقوم بثورته العظيمة في 25 يناير، لتكون الضلع الثاني والمهم في مثلث الحرية الذي بدوره ألهم الشعوب العربية الأخرى لطلب الحرية والديمقراطية والتخلص من حكامها الطاغين.. وكان على رأس ذلك الشعب السوري الذي يمثل الضلع الثالث والذي بنجاحه ستتغير خريطة العالم العربي، وتنجح بقية الثورات، ويصبح الشعب العربي متحررا.
كاتب مصري
رئيس التحرير التنفيذي لجريدة التحرير
أضف تعليق