بغض النظر عن ما جاء على لسان الجنرال الروسي حول إختراق موقع تمركز القوات الكويتية من قبل الاسرائيليين وهروب عناصرها مع بدء القتال في حرب الاستنزاف 1973م.. فإن تصاريح بعض منتسبي الجيش المصري الكرتوني (الانقلابي) التي جاءت عبر صحفنا اليومية متضمنه ردوداًوتكذيباً لكلام ذلك الجنرال تجعلنا نعيد النظر في مسألة تكذيبنا لما قاله الرجل.
*******
كما هو ثابتٌ ومعلوم فإن (المرتزقة) صفه تصطلح على أولئك الذين يتقاضون أجورهم مقابل القتل وسفك الدماء والمشاركة في الحروب بغض النظر عن مراعاة المشروعية ونوعية العمل والهدف منه، أو حتى تكبّد عناء السؤال عن الدوافع والأسباب، فكل ذلك غير مهم، لطالما كان هناك مقابل مادي، وهذا ما يجعلهم غالبًا ما يقومون بتلك الأعمال لصالح بلدان أجنبية لا ينتمون إليها.
وعلى خلاف (المرتزقة)، تجد أن عناصر الجيوش النظامية في أي بلد محترم، مواطنون انخرطوا في السلك العسكري بعد أن فقدوا جزء ليس بالقليل من حقوقهم المدنية، وعلى قاعدة (الحقوق توازي الواجبات) نجد أن المقابل الذي يتقاضاه هؤلاء العسكر نظير فقدانهم لتلك الحقوق غالباً ما يكون مادي، كامتيازات نهاية الخدمة والحصول على علاوات وبدلات مالية لا يتسنى للمدنيين الحصول عليها، ومن المؤكّد أن الحكومات تعلم وتعيّ جيدًا أنه لولا هذا المُقابل وتلك الامتيازات لتحوّلت العناصر النظامية في الشدائد متى دعت الحاجة إليها إلى ميليشيات من المرتزقة التي تدين بالولاء والانتماء إلى من يدفع أكثر، بعيدًا عن مصطلحات ومفاهيم التضحية والإخلاص والفداء والوطنية، فعندما تطغى الواجبات على الحقوق يولد لدى الجُند إحساس بفقدان المواطنة، وشعور باللامبلاة بالوطن، وهذا في تقديري الشخصي ناقوس الخطر الأكبر.
يمثّل الجيش في الكويت رأس الهرم في المنظومة الأمنية، ومن باب أولى أن يكون أول المستفيدين من قرار مكافأة نهاية الخدمة الذي أقره مجلس الدفاع الأعلى في 11 نوفبر الماضي للمؤسسات الأمنية الأربع (الجيش والشرطة والحرس الوطني والإطفاء)، وليس آخر المستفيدين، وليته كان على الأقل آخر المستفيدين، فعلى عكس أقرانهم في الشرطة والحرس الوطني والإطفاء، حرم منتسبي الجيش الكويتي من هذه المكافأة لأسباب نجهلها ولا نريد معرفتها واقتناعنا المسبُق بسذاجة من أقر هذا الحرمان، فما هكذا تُعامل الحكومات منتسبي جيوشها، والأمر لم يتوقف عند هذا الحد وكفى، فمنتسبي الجيش الكويتي يعاملون بصورة بشعه عند إجراءات تقاعدهم وانهاء مدة خدمتهم العسكرية، بدلاً من تكريمهم بتسهيل إجراءاتهم، كالمماطله في الإجراءات الروتينية، والتطرف في منح إخلاء الطرف وإبراء الذمة، وتجسيد ثقافة الكعب الدائر على جهات عسكرية لم يعملوا بها مسبقًا، وعدم توفير شعبة ارتباط ما بين مؤسسة وزارة الدفاع والتأمينات الاجتماعية أسوة بالنظام المعمول به في بعض المؤسسات والهيئات السيادية بالدولة، وغيضٌ من فيض لممارسات سلبيه لا تليق لمن أنهوا سنوات عمرهم في خدمة بلادهم وحماية وطنهم.
*******
وزير الدفاع السابق لم (يخربها ويجلس على تلها).. وكفى، وإنما (خربها وهرب موليًا الأدبار) بعد أن تبيّن من خلال سياسته الفاشله وقراراته التخبطية إنه شخص غير كفؤ لثقة أولاه إياها القائد الأعلى للقوات المسلحة، الأمر الذي يضع مسؤولية حماية حقوق ومكتسبات عناصر الجيش الكويتي، وحفظ كرامتهم عند انهاء خدمتهم أمانة في عنق وزير الدفاع الحالي، وإلا فلا غرابة أن يتكرر سيناريو ما جاء على لسان الجنرال الروسي مستقبلاً لا قدّر الله، بل وربما تتحول العناصر النظامية في الجيش إلى مرتزقة تشترط الأجر متى دعت الحاجة إلى ذلك، فـ حينئذٍ لن تنفعنا أو تدافع عنّا تصاريح القيادات العسكرية الكرتونية في مصر أو غيرها.
أضف تعليق