* نحن ضد مبدأ تقسيم العراق.. المستفيد من التقسيم هي الأطراف الفاسدة
* القتال الدائر في العراق سياسي وليس قتالاً مذهبياً
* على العراق ان يضع في اعتباراته تحسين علاقاته مع جيرانه
لم أكن مقيما في الكويت ولكن كنت أتردد على زيارتها، وفي سنة 1979 كان لي لقاء مع سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد رحمه الله، وقد عرض علي خلال ذلك اللقاء أن يتكفل بدراستي على حسابه وفي أي دولة من العالم، وقد درست في المملكة العربية السعودية على حساب سموه الى ان تخرجت، ونشرت إحدى الصحف اليومية اسمي ضمن الطلبة الكويتيين الذين تخرجوا، والحمد لله كنت موظفا بدرجة مميزة.
* زياراتك للكويت شبه متكررة، هل لديك أصدقاء في الكويت؟
نعم، كانت زياراتي متكررة لوجود الاصدقاء والاصحاب والعشيرة، فكنت كل فترة أزور الكويت لكل خمس او عشرة أيام وعلى حسب الظروف، وأغادر بعدها.
* إلى أين يتجه العراق في ظل الاقتتال المذهبي المتفاقم؟
القتال الموجود في العراق هو قتال سياسي وليس قتالاً بين أبناء الشعب، وعندما أقول الشيعة فأنا أعني بين قوسين الأحزاب الشيعية، وعندما أقول السنة فهي الأحزاب السنية، هذه الأحزاب لن تعتاش الا على الطائفية، عندما يدفع المجتمع الى طائفته حتى يضمن بقاءه في هذا المقعد، أما عندما تنزل الى مستوى الشارع المتمثل بالمواطن فإك تجد تقارباً، خاصة في الفترة الاخيرة حيث يلاحظ التلاحم ما بين ابناء الجنوب والوسط ويجمعهم عنصر مهم وقوي وهو عنصر رابط الدم والعروبة وصلة القرابة والنسب ولهذا لن يستطيع المحتل ان يتغلغل ويفكك العراق بهذه السهولة رغم الضغوط التي يتعرض لها العراق الضغوط، هذه الضغوط لو كانت في أي بلد آخر لتفكك بسهولة الى عدة دويلات لكن أبناء العراق ظلوا متماسكين وكان العنصر القبلي هو احد المحاور الذي يقف ضد مشروع التقسيم وضد هذا المد القادم من عدة الاطراف سواء الشيعية او السنية او بين قوسين العربية.
* هل هناك أطراف خارجية مستفيدة من بقاء العراق على هذا الوضع؟ ومن هي هذه الأطراف؟
اذا تحدثنا بشكل عام فإن أطرافاً كثيرة مستفيدة من الوضع العراقي الراهن، لكن اللاعب الرئيسي الآن الذي يلعب في تركيبة العراق ويلعب في مقدرات العراق وفي قرار العراق السياسي بالدرجة الاولى هو إيران، طبعا إيران هي شريك وحليف لأمريكا، فالذي يحصل في العراق هو ما بين إيران وبين أمريكا لكن اليد هي لإيران، بينما أمريكا مرتاحة على هذا الوضع لأنها في المحصلة هي تنظر الى مصالحها،لا يهمها العراق سواء خسر او تفرق أو عمل له فيدرالية او قتل.. لا يهمها الشعب العراقي إطلاقاً.. نحن خسرنا أكثر من ستة ملايين منذ عام 2003 الى يومنا هذا بالاضافة الى الثروات والكفاءات التي أعدمت أو قتلت أو هجرت، فرغوا البلد من الكفاءات العلمية والأدبية والسياسية والعسكرية ليبقى العراق على حالة ضعف متواصل، وحتى تكون فيه السيطرة لإيران، لأن البعبع الوحيد الذي يقف في وجه ايران هو العراق، وغيره تكون الأمور بالنسبة لهم أسهل.
* تقول إن إيران حليف للولايات المتحدة الامريكية، رغم ان هناك حصاراً اقتصادياً على طهران وضغوطاً على المفاعلات النووية الايرانية من قبل واشنطن.. فكيف تفسر ذلك؟
كل ذلك لعبة اعلامية وحسب من وجهة نظري، استناداً إلى ما أراه في الشارع العراقي والصمت الأمريكي إزاء التدخلات الإيرانية والتمدد الإيراني الملاحظ في العراق.. وقد سلمت أمريكا العراق لإيران وقدمته لها لقمة سائغة الى وهذا دليل على ان هناك تفاهماً بين الطرفين من تحت الطاولة.
نحن العرب مشكلتنا أننا دائما ننخدع بالإعلام.. وما يعرضه الإعلام يختلف عما يدور على أرض الواقع، هناك ما يقال وهناك ما لا يقال وما لا يقال هو أخطر مما يقال، وما يقوله الاعلام الغربي بخصوص إيران هو لتخدير الشعب العربي ولكن في حقيقة الأمر وواقع الأمر أن الآلة الإعلامية الغربية هي التي ساعدت أمريكا على دخول أفغانستان ودخول إيران إلى العراق وكانت عنصراً أساسياً لكي تدخل سوريا، والكثير من الدول هي كانت عاملاً مساعداً للغرب لكي تدخل الى هذه الدول بطريقة المحتل او بطريقة تفكيك هذه الدول.
* لو قارنا الوضع في فترة حكم صدام حسين ووضعه الآن… أيهما أفضل؟
نعمتان خفيتان هما الأمن والأمان، والشارع العراقي افتقد هاتين النعمتين، وأي بلد يفتقدهما يتخلف، قد يكون في زمن صدام حسين هناك ظلم وإجحاف وقهر ولكن ذلك قد يكون محدوداً وموجها ضد مجموعة سياسيين وأحزاب، ولكن بصورة عامة كان المواطن يستطيع ان يتجول بحريته كمواطن عادي ليس له ناقة ولا جمل لا بالسياسة ولا غيرها.
فما يحصل الآن في العراق انك لا تستطيع ان تسير في الشارع ولا تعرف من هو عدوك، يوميا تقع التفجيرات في العراق وتحصد المئات من ارواح العراقيين، وهذا الوضع لا يقاسيه العراق وحده، سبب فأكثر الدول اللي وقع فيها تغيير لنظام الحكم بدأت تترحم على الماضي لانها فقدت هاتين النعمتين اللتين هما أهم ما يملكه أي بلد كان.
* كيف ترى مستقبل العلاقة بين العراق وبين جيرانه دول الخليج؟
على العراق ان يضع في اعتباراته الاولية ان تكون علاقاته جيدة مع جيرانه من كل الاطراف، ولا استثني أي طرف من الجيران وخصوصا مع دول الخليج ومع دول العربية، لأن لهذا التقارب فائدة كبيرة والمصلحة لا تتحقق من دونه، ولهذا نحن دائما نحاول ان نرسل رسائل للحكومة بأن تقاربي مع الشعوب العربية وجيراننا في الخليج واستفيدي من الخبرة والامكانيات والشركات الموجودة لديهم التي قد تساعد في بناء العراق وإعادة نهضته مرة أخرى.
* تفشى الفساد في العراق كما صرح به بعض السياسيين، فما هي أوجه الخلل في هذا التفشي، وما أسبابه؟
الاسباب… اول من فتح الباب لهذا الفساد هو الامريكان، والسبب الآخر وللاسف الشديد ان أغلب ماهو موجود هو شريك في هذا الفساد، وعندما يكون هناك فساد لا يستطيع ان يحاسب هذا المفسد الا شخص عادل ونحن للاسف الشديد نفتقد الى هذه النخبة من السياسيين او من المسؤولين لانهم في المحصلة كلهم فاسدون والدليل عندما تتابع الاخبار في قنوات العراق تجد كل كتلة من الكتل تبرز ما يقوم به الآخر من فساد ومن سرقات والآخر ايضا يكفل لهذه التهم وأكثرها كانت موثقة على حسب ما يخرج في شاشات التلفاز.. فعندما تنظر للموضوع من كل جميع الجوانب تجد ان الكل مشترك في هذا الفساد وللاسف الشديد لا يوجد لا حسيب ولا رقيب على هذه الثروات وثرواتنا تبددت وسرقت واصبحت تسرق علناً ولا يوجد من يحاسبها عليها رغم وجود اصوات في البرلمان كانت تصدح وتبين هذا الفساد ولكن للاسف الشديد لا يوجد رادع.
* هل تعتقد ان المحاصصة هي سبب في ذلك؟
بالتأكيد هي أحد اسباب هذا الفساد اللي يعاني منه العراق، وهذه المحاصصة قائمة على مبدأ “خذ أنت وأنا أسكت.. وأنا أسكت وأنت تأخذ”.. هذه جعلت الفساد ينتشر، والامر الآخر ان هذا المسؤول تابع لهذا الحزب وهذا الحزب لا يستطيع محاسبة هذا المسؤول لكونه محسوباً على جهة أخرى، وليس لديه القدرة لكي يبعد هذا المسؤول وهذا داخل ضمن المحاصصة والذي تم الاتفاق عليه.
* ما هو الحل الذي تراه مناسبا ليخرج العراق من ازمته الراهنة؟
الحمدلله أن هناك الكثير من الخيرين من ابناء العراق الذين عاشوا في العراق، بخيره وشره، لكن المشكلة ان التيار الوطني الموجود في العراق تيار ضعيف، ضعيف مادياً وعسكرياً وسياسياً واعلامياً، ولم يجد من يسانده بعكس الاحزاب الطائفية التي تجد دولاً تسندها وتدعمها، وتقويها.
اعتقد أنه يجب ان يقوى هذا العنصر ويدعم إعلاميا ومعنويا وسياسيا حتى يستطيع عمل موازية في الساحة العراقية.
تقوية العنصر العربي في العراق بصورة عامة فيه مصلحة للجميع، ليس للعراق وحسب، بل للجيران أيضاً لأن العنصر العربي بقبائله جميعها له امتدادات في دول الخليج، لو تكملنا كمثال على دول الخليج “الشمري موجود في العراق وموجود في السعودية والكويت وسوريا والأردن في كل مكان موجود” وأيضا العنزي والمطيري وكل القبائل موجودة ولها امتدادات.
أعتقد أن الدولة الذكية التي تستطيع ان تحافظ على القبائل عندها تستطيع ان تضمن ولاء قسم من هذه القبيلة في الجهة الثانية سواء في العراق او السعودية او في اي دولة ثانية لأن صلة الدم والقرابة والتواصل التي بينهم تجعل الطرف الآخر دائما ينحاز للطرف الذي يحترم قبيلته ويحترم رموزه.
* برز الحديث قبل فترة عن ضرورة قيام كيان خليجي موحد تحت مسمى “الكونفيدرالية” هل تعتقد ان دول الخليج كانت جادة في هذه الخطوة؟
أعتقد انها جادة واعتقد انها لابد ان تذهب الى هذا المنحى لأن العالم بدأ يتحد كما بدأ يتجمع، وعندما نقارن ألمانيا مع بريطانيا فهي ليست بحاجتها ونحن قد نكون بحاجة الى الدول الخليجية لبعضها، فأولئك ليسوا بحاجة الى أولئك، ورغم هذا أسسوا مجلس الاتحاد الاوروبي واجتمعوا مع بعض، وجميعهم قوى اقتصادية وسياسية وعسكرية وكل منهم يملكها وهم ليسوا بحاجة الى الآخر لكن دائما الاتحاد قوة.
وللاسف الشديد هذا المشروع هو الذي دعا إليه “هنري كسينجر” وهو مشروع قديم يقوم على تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ هو الآن اللعبة التي تلعب في منطقتنا العربية.
* مجلس الحوار الوطني الذي أنت احد مؤسسيه، أين وصل وما هي أهدافه؟
مجلس الحوار الوطني كان هو النواة التي اتكلم عنها للنهوض بكتلة سياسية تستطيع ان تعمل موازنة لكن للاسف الشديد دخل عليها مفسدون زرعوا الخلافات فيما بيننا وبعض الشخصيات الموجود لدينا لم تكن في المستوى المطلوب انجرفت الى الجانب الآخر طلبا للمصلحة المادية وطلبا لمصلحة المناصب رغم ان فيها شخصيات راقية ورموز لكن ايضا تم الضغط عليها من قبل الكثير من الاطراف حتى لا ينمو هذا التيار.
* هل القبائل العراقية لها دور فعال في اتخاذ القرار بالتصويت نحو المرشحين في الانتخابات البرلمانية؟
العراق هو عبارة عن قبائل من شماله الى جنوبه، بما فيهم الكرد والعرب، والتصويت من المؤكد سيأتي من هذا المزيج القبلي، والمواطنون من أبناء الشعب هم في الأساس من القبيلة لكن كان هناك توجيه مثلا على جهة معينة او على حزب معين او على شخصية معينة، تظهر التوجيهات وكثير من الشخصيات نجحت بأصوات أبناء القبائل لأنها شعرت فيها ان من الممكن ان يقدم شيئاً، لكن للاسف الشديد ان أغلب الذين فازوا في كل الطوائف احبطت الطوائف منهم والشعب احبط منهم والدليل الانتخابات المحلية التي حصلت آخر فترة لم تتجاوز نسبة التصويت فيها 20 او 25 في المئة وبعض المناطق 30 وكانت 20 او 25 عبارة عن الاجهزة الامنية والجيش والشرطة فكان هناك عزوف لعدم وجود قيادة يستطيع الشارع ان يثق بها او يمكن يعطيه صوته وثقته حتى تبرز وتعدل هذا الوضع اللي يحدث في العراق.
أنا أتيت في زيارة خاصة للاصدقاء وبعض الاقارب وبعض أبناء العشيرة، ولي علاقات في الكويت تربطني بالكثير من الموجودين ولي ذكريات جميلة، وايضا الكويت لها فضل علي كما سبق وذكرته، فزيارتي زيارة شخصية وليست لدعم او طلب.
* كلمة اخيرة…
أشكر جريدة ((سبر)) على هذا اللقاء، وأنا سعيد جدا بهذه الجريدة النشطة والتي أتابعها حتى عندما أكون في العراق أو في الاردن، واتابع اخبارها وعناوينها وكانت تشدني في كثير من الامور.
أطلب من الله ان يديم على ابناء الكويت شعبا وحكومة نعمة الامن والامان، وان يهدي النفوس وان يتكاتف أبناء الشعب تحت مسيرة قديمة جدا مسيرة آل الصباح.
والحمد لله أرى الشعب في خير ونعمة، ولم يبخلوا على الشعب في أي مجال سواء التعليم وغيره ولا حتى في مجال ابداء الرأي فهذه نعمة.
والكويت من أقدم الديمقراطيات في العالم العربي ومن انجحها اعتبرها، فعلى ابناء الشعب الكويتي جميعا بكل فصائله وابناء القبائل بصورة خاصة، بان تكاتفوا ويكونوا مع حكومتكم ومع شعبهم ولا يعطوا المجال لأحد أن يدخل بينهم باسم القبيلة او باسم الاصلاح او باسم المذهبية انبذوا هذه الامور لان نتائجها نحن دفعناها ويجب ان تتعظون مما صار عندنا وعند دول أخرى.
أضف تعليق