كتاب سبر

تفجيرات أوسلو وأسلمة الإرهاب

 القاتل هذه المرة، ومن كان وراء إراقة الدماء في النرويج وقتل أكثر من تسعين شخصاً معظمهم من المراهقين يوم الأمس الجمعة  ليس اسمه محمد أو أسامة أو علي، ولم يكن ملتحياً، ولايلبس لباساً أفغانياً، ولا يتكلم العربية الفصحى، إنه شاب أشقر ووسيم وودود ولديه حساب في الفيس بوك والتويتر.

“?أندرس بهرنغ بريفيك” هو مواطن نرويجي، يبلغ من العمر اثنان وثلاثون عاماً، ومن محبي الموسيقى الكلاسيكية وأفلام العنف، ومن اليمين المتطرف الذي لايرغب بوجود الأجانب في النرويج، ولديه ميول معادية للإسلام، ومن ضمن مجموعة تضم مئة شخص لديها رأي سياسي خاص بها، ولكن اللافت للنظر أنه كان من أتباع الماسونية سابقاً حسب التقارير التي صدرت من السلطات النرويجية.

لقد قام بريفيك بتفجير مبانٍ حكومية في وسط العاصمة أوسلو, وقتل سبعة أشخاص، ثم بعد تسعين دقيقة قام بفتح النيران على مخيم للشباب في جزيرة أوتويا، والتي تبعد ثمان وثلاثين كيلومتراً عن العاصمة أوسلو، وقام بقتل أربعة وثمانين من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة في المخيم الخاص بالحزب الحاكم، وقفز العديد منهم إلى البحر حينما بدأ باطلاق النار من سلاح آلي بعد أن عبر من البر الرئيسى إلى تلك الجزيرة الصغيرة الداخلية، بينما كان متنكراً في زي ضابط شرطة، كما ذكرت المصادر أن السلطات النرويجية وجدت قنبلتان لم تنفجران في مبان أخرى قريبة من المبان الحكومية.

الدول الإسكندنافية تتكون من أربعة دول رئيسية وهي السويد والدانمرك والنرويج وفنلندا، وترتبط هذه الدول بعلاقات وطيدة فيما بينها، وتتشابه من حيث اللغة والعادات والتقاليد. وتعتبر الدول الإسكندنافية من أرقى الدول من حيث النظام الاجتماعي وحقوق الإنسان والرفاهية الإجتماعية، وهنا أقصد بالرفاهية الاجتماعية هي النظام الذي يكفل لكل شخص يعيش على الأرض الإسكندنافية الحياة الكريمة. فالدولة توفر كل شيء للمواطن والمقيم من السكن والعلاج والطبابة والراتب الشهري للعاطل عن العمل من خلال نظام ضريبي عادل، وأيضاً الاهتمام بالطفل والمرأة والمساواة بين المواطنين والمقيمين. 

ولكن هذه الشعوب مغلقة نهائياً على الآخر، ويعيش كل شخص لنفسه ويستقي رأيه من الإعلام المحلي، وهنا تكمن خطورة الإعلام في الدول الإسكندنافية فهو وبالأعم إعلام موجه وإعلام يسيطر عليه الكثير من المتطرفين خصوصاً باتجاة الإسلام. 

لقد تسارعت وسائل الإعلام وكما هي العادة باتهام الإسلام والإسلاميين بالوقوف وراء هذا التفجير والقتل البارد المُروع.  وقدموا الذرائع والتهم المُفصلة والجاهزة وهي أن النرويج هي طرف من أطراف القتال في التحالف في الحرب على أفغانستان لذلك فإن من قام بهذا العمل هو من الإسلاميين ومن حركة طالبان. والذريعة الأخرى هي أن النرويج هي شريك  في حلف شمال الأطلسي، وهنالك طيارين يقومون بعمليات ضد كتائب العقيد معمر القذافي في ليبيا. فلا يُستبعد قيام القذافي بعمل انتقامي. وإن حركة طالبان الأفغانية هددت بالانتقام لمقتل أسامة بن لادن في مايو الماضي بالإضافة إلى أن المتشددين الإسلاميين يهددون دائماً بالانتقام من الدانمارك لنشر الصور المُسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم قبل ست سنوات، وقامت النرويج بإعادة نشرهذه الصور، وأصبح هذا الأمر مصدراً للقلق وهاجساً للدانمارك البلد المجاورة منذ تلك الضجة وأيضاً للدول الإسكندنافية التي قامت بإعادة نشر هذه الصور. 

وعلى الرغم من أن هذا العمل الإرهابي ليس له أية علاقة بأي توجه إسلامي إلا أن الإعلام الإسكندنافي وضع الاحتمال الأول الدائم وهو الإسلام والمسلمين فلا يُفرق الإعلام الإسكندنافي بين الإسلام والإسلاميين بل يؤسلمون كل عمل إرهابي، ويُسارع المحللون في هذه الدول لإلصاق هذه التهمة بأول مسلم يواجهونه، وهذا ما ينعكس على الشارع في هذه الدول ويُحدث حالة عداء دائم لكل ما يمت للإسلام بصلة سواءً الفكر الإسلامي أو المسلمين بشكل عام.  

إن العمل الإرهابي الذي حدث في النرويج بالأمس ماهو إلا دليل على أن الإرهاب هو لغة واحدة، وهي لغة القتل البارد وأن الجميع معني بهذه الآفة، فالإرهاب ليس له علاقة بدين أو عرق أو دولة بل هو مجرد توجهات سياسية بحته، وإن كان منطق التعميم هو السائد فمن حقنا الحديث عن إرهاب مسيحي.


[email protected]

‏http://twitter.com/#!/HassanAlfadli

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.