أيام معدودة وندخل شهر رمضان الذي يهل علينا هذه السنة بطعم آخر مختلط بالثورة والثورة المضادة والدم والقتل ومواجهة شعوب عربية بالجيش والحرس والسلاح، أسلحة الإعلام والفتاوى الدينية والشبيحة في الشوارع والمدن والقرى والحواري، لكي تجهض كل المطالب المشروعة في الإصلاح والتغيير والحرية.
ندخل رمضان ولا حول لنا ولا قوة إلا مشاهدة المسلسلات العربية الحقيقية التي تصور أنهار الدم والذل والمهانة التي تعيشها شعوب المنطقة التي تبحث عن أبسط حقوقها، ولا نملك إلا أن نرفع أيدينا في الدعاء لينصرهم ربهم ولا يبتلينا! ونصب اللعنات على من كان السبب غالبا إسرائيل!
في رمضان نواجه كل عقدنا من المطالبة بالحرية والعيش في سجون الديكتاتورية، من عبادة الله والخضوع له إلى عبادة الديكتاتور وتنفيذ أوامره حتى في قتل الآخرين وسحلهم.. أشهر شعار يطرح في دول المواجهة والتصدي اليوم هو “الله الوطن الرئيس وبس”, من تذكر الموت والآخرة إلى الانغماس في الدنيا وسرقة المال العام ونشر الفساد ونهب أموال الشعوب.. مليارات الدولارات متراكمة في حسابات الرؤساء والأمراء والشيوخ في الداخل والخارج بينما المواطن يموت من والهم والغم في الحصول على قوت يومه، من تذكر الفقر والجوع وكفاف الحياة إلى الإسراف في الأكل والشرب والطعام ورميه ما تبق منه في القمامة، وملايين الأطفال والأمهات والآباء يموتون من الفقر والجوع في العالم العربي والإسلامي وخصوصا في الصومال الفقير المنهك المتعب!
الجامعة العربية بدل من أن تقوم بالمبادرة ويذهب أمينها العام إلى مقديشوا حاملا معه الاحتياجات الأساسية المساعدات المالية والإنسانية، وجهت نداء من خلال بيان صدر عن الأمانة العامة للجامعة. نداء الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي سابقا)، جاء حفظا لماء الوجه بعدما أطلقت المنظمات الدولية الغربية الحملات الإغاثية وجمع التبرعات والمساعدات العاجلة.
يبدوا أن الأمين العام للجامعة العربية كان منشغلا في متابعة أخبار الثورة العربية خصوصا في سوريا، وكان ينتظر ردود الفعل تعليقا على تصريحاته المخزية وهو الرجل الذي تولى حقيبة الخارجية وجاء على أكتاف الثورة المصرية التي تطالب بالحرية والديمقراطية ودستور تعاقدي شعبي جديد.
الأمين العام العربي تجاهل كل أعمال القتل المنظم لآلاف السوريين، ودفنهم في مقابر جماعية والتمثيل بجثثهم دون وازع من ضمير، وغض الطرف عن الدبابات والجيش والشبيحة المنتشرة في الشوارع والأزقة، وقال أن سوريا تسير في مسار الإصلاح الحقيقي، وطمأن النظام وأدواته القمعية أن الجامعة العربية لن تتخذ أي قرارات ضده ما يقومون به! هذا في حين أشار خبراء من الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان أن القمع الذي تمارسه قوات الأمن السورية يمكن تشبيهه بجرائم ضد الإنسانية.
هل نستطيع أن نتخيل العكس حيث يكون الأمين العام للجامعة العربية سوري. وما حدث في مصر قبل رحيل مبارك هو ما يحدث في سوريا اليوم من مواجهة مع الشارع وتصفيه التظاهرات المليونية التي خرجت في ميدان التحرير ولا زالت كيف سيكون رد الفعل؟ وهل حلال أن نطلق اسم ثورة في القاهرة ونحرم استخدامها في دمشق وبقية الدول العربية؟!
في الختام كل عام وأنتم بخير مع الثورة التي تدخل رمضان أو مع رمضان الذي يدخلنا في الثورة.
أضف تعليق