اهتمامات هيئة مكافحة الفساد خلال الفترة القصيرة الماضية من عمرها يظهر بشكل واضح وجلي أنها ليست سوى عبء على المال العام، وأن كل ماقيل عن أهمية وجودها مجرد محاولة “تسويق” لمشروع الهدف منه إسباغ شرعية على ممارسات حكومية خاطئة.
الهيئة طلبت خلال تلك الفترة ( القصيرة ) تدعيم ميزانيتها وهي في طور التأسيس لم تعمل بكامل طاقتها المفترضة بمبلغ يصل إلى واحد وعشرين مليون دينار ينحصر صرفها في رواتب وإمتيازات للمسؤولين فيها ( سيارات فارهة ، هواتف ، كوبونات بترول ، أثاث فاخر ) فماذا نتوقع بعد عام من الآن أن يكون رقم الميزانية المخصصة لها؟!!
رئيس الهيئة طلب من مجلس الوزراء تخصيص قطعة أرض بجانب المستشفى الأمريكاني ليكون مقرا لها ، وقد وافق مجلس الوزراء للأسف على ذلك الطلب رغم أن قيمة الأراضي في العاصمة تصل إلى المليارات ، ويمكن إستخدامها في مشاريع أخرى تدر على الدولة مردودا ماليا أكبر بكثير مما يمكن أن تدره مثل تلك المؤسسة ، وهذا مؤشر على طريقة تفكير القائمين عليها فالمال العام ربما يكون آخر اهتماماتهم.
الكارثة الأخرى وأرى فيها تعبيرا صارخا عن ” عقل ” مثل تلك الهيئة هي محاولة تمرير مشروع أرض المستشفى الأمريكاني بالطرق التقليدية التي يفترض بمثل تلك المؤسسة محاربتها والتصدي لها ( الواسطة ) ، بعدما لقت الفكرة معارضة شديدة من بعض المسؤولين في مجلس الوزراء ، وعند هذه النقطة يمكن أن نطرح سؤال..مادامت هيئة مكافحة الفساد تستخدم مثل تلك الأساليب ماذا عن موقفها من المهام الموكلة لها ؟! .
هناك تساؤلات طرحها بعض الخبراء الدستوريين وأجد فيها قيمة قانونية كبيرة بينها دستورية قيام جهة تتبع للسلطة التنفيذية بمراقبة رجال القضاء وأعضاء مجلس الأمة ماليا ، في حين كل النصوص الدستورية والقانونية تحض على العكس ( المادة 50 من الدستور ) ، وماهو الوضع إذا أدرجنا الثقافة السائدة ضمن أجواء مثل تلك المؤسسة ، وكيف ستكون علاقتها بالقرار الحكومي؟!.
الإصرار على بقاء مؤسسة بمثل تلك ” الخروق ” ربما يتحول إلى تواطؤ دستوري وقانوني ومدعاة للتوتر في علاقة السلطتين ، وتلك العلاقة ليست بحاجة إلى مبرر جديد لزيادة أجواء التوتر في ظل إنتخابات برلمانية جديدة ومجلس جديد ستكون مكوناته مختلفة ، والبديل تكليف ديوان المحاسبة بمهامها.
أضف تعليق