الحكومة لم تفعل شيئا جديا لمواجهة العجز في الميزانية العامة للدولة ، وكل ماقامت به مجرد ” رتوش ” لاقيمة لها في إيقاف الهدر خاصة وأن الميزانية تضخمت كثيرا خلال السنوات الخمس الماضية في متوالية هندسية لامردود حقيقي لها سوى إستهلاك المزيد والمزيد من الأموال .
العجز المحتمل حسب الجهات المعنية يبلغ حوالي 12 مليار دينار وهو رقم ضخم جدا لاتحتمله دولة بمثل إقتصادنا يعتمد إعتمادا كليا على النفط ، مما يعني أن أرصدة ” الأمان ” ستتآكل خلال الفترة المقبلة إذا ما أستمر إنخفاض أسعار النفط وهو أمر متوقع في ظل الإنتكاسات الإقتصادية التي يشهدها العالم .
هناك الكثير مما يجب فعله لإعادة صياغة ميزانية الدولة بشكل إحترافي حتى تستطيع مواجهة إنعكاسات التطورات الإقتصادية علينا أبرزها تطبيق قانون الخصخصة الذي أقره مجلس الأمة منذ أعوام والحكومة تتهرب من تطبيقه تخوفا من فقدان نفوذها السياسي على النواب من جهة وعلى الفعاليات الإقتصادية من جهة أخرى .
القطاع العام ( الوحش الأسطوري ) الذي يلتهم الجزء الأكبر من الميزانية العامة للدولة تضخم إلى الحد يكاد يقضي على الدولة نفسها ، وأصبح مع مرور الوقت أشبه بالثقب الأسود ، والكارثة أن على هوامش هذا الوحش تعيش عصابات إستهلاكية على شكل شركات وأفراد لاهم لهم سوى ” حلب ” هذا الوحش والحكومة تتفرج أن لم تتواطؤ في بعض الأحيان .
تفكيك القطاع العام هو التحدي الأكبر ليس أمام الحكومة والبرلمان فقط بل أمام الشعب بأكمله ، فهناك هيئات ومؤسسات لاحاجة لها ولابد من إلغاءها ، وهناك هيئات أخرى بحاجة إلى إعادة النظر في تركيبتها الداخلية حتى تتوافق مع التوجه الجديد ، وليس عيبا إلغاء بعض الوزارات أو دمجها في وزارات أخرى لتخفيض الميزانية العامة للدولة التي باتت عبئا بحد ذاته .
تحويل القطاعات الخدمية للدولة إلى شركات مساهمة تحدي آخر يفترض أن لايخيفنا ( الكهرباء ، الماء ، الهواتف ، البريد ، الصناعات النفطية ) فمن ناحية سيؤدي إلى تطوير الخدمات وتخفيف أعباءها على الدولة ومن ناحية أخرى سيكون مدخولا جديدا للدولة من خلال إستخدام مرافقها وتحديد ضريبة سنوية للشركات المساهمة التي تدير مثل تلك الخدمات .
أرض الدولة ” المحتكرة ” منذ زمن طويل في يد إدارة حكومية متخلفة كان يمكن أن تكون مدخولا كبيرا في مشاريع البناء والإدارة والنقل بدلا من ترك الأراضي هكذا فهناك الكثير من الشركات الخاصة تريد أن تستفيد من تلك الأراضي لبناء مشاريع عليها يستفيد منها المواطن من جهة والحكومة والمستثمر من جهة أخرى وليكن تكلفة إنشاؤها على القطاع الخاص .
مشروع غرفة التجارة والصناعة لتطوير الإقتصاد الوطني يمكن أن يكون محورا لنقاشات جادة داخل مجلس الأمة وخارجه لإعادة تشذيبه بما يتوافق مع دور رأس المال الذي شدد الدستور على أن يكون دوره إجتماعيا في المقام الأول ، ويمكن بعد التوصل إلى قراءة موحدة أن تتبناها السلطتين لإخراج الوضع الإقتصادي من مأزقه الحالي .
بقلم | ناصر العبدلي |
أضف تعليق