يقول التاريخ إن مصر لم ترحب بغزو لأراضيها إلا حينما دخلها الفاتح عمرو,وتحول الغزو في الذاكرة المصرية إلى (الفتح).
ومصر والسعودية بينهما إذن تاريخ يسع مجلدات وبينهما جغرافيا وزواج ورحلات وهجرات وكلتاهما تمثلان عمودي الأساس لقلعة صحيح البخاري, ولاغني للعرب عن مصر كما لا غنى لمصر عن السعودية كما قال الملك عبد العزيز آل سعود قبل مائة سنة وعشر .
وأمس تلقيت رسالة من صديق مصري يعيش بالمملكة يرصد فيها شكوكه من أن هناك مخططا لتعكير الماء بين البلدين أو بالأحرى بين الشعبين. و أقلقني ذلك الهاجس فغير التاريخ والجغرافيا والمصير هناك أكثر من مليون مصري بالسعودية,كما أن بحسب مصادر السفارة السعودية بالقاهرة فهناك جالية سعودية بمصر تقدر بأكثر من ثلاثمائة ألف.
… فلمصلحة من يهاجم أشخاص مندسون أو مجرمون أو مدفوعون ومندفعون السفارة السعودية ويحرقون خمس سيارات تابعة للسفارة ويرشقونها بالحجارة؟ وما علاقة السفارة السعودية بمقتل ستة جنود مصريين على الحدود برصاص إسرائيلي مبين؟ ولماذا يتحرك الغضب من أمام سفارة العدو إلى مديرية الأمن ثم سفارة الشقيق؟
وأكاد أسمع أحدكم يعلل ذلك بإساءة معاملة المعتمرين في مطار جدة, وينسى أن عدد المعتمرين المصريين في رمضان الماضي وصل إلى سبعمائة وعشرين ألفا يعني ضعف عدد رمضان قبل الماضي,وأن معظم هؤلاء المعتمرين حملوا أوزانا زائدة وأن ذلك مع غياب تنسيق الطيران تسببا في المشكلة, وأن من مصلحة السعودية كدولة تعتمد في أحد روافد اقتصادها بعد النفط على السياحة الدينية.
وقد يقول البعض إن السعوديين لمحزونون على مبارك, وما الإمارة وأين العلامة وهل هناك إحصاء أو مسح واستطلاع لذلك؟ فقد يكون بين السعوديين من تضررت استثماراته وأعماله بعد الثورة تماما كحال مصريين كثيرين والفريقان يتعاملان بمنطق الريال والجنيه والدولار.ثم إن وزير الخارجية السعودي والسفير السعودي بالقاهرة وغيرهما أكدوا مرارا وتكرارا بأن طلاقا بائنا وقع مع مبارك ونظامه فور تنحيه,وأنه لا صحة مطلقا لما نشرته الأخبار أكثر من مرة عن سفر مبارك للعلاج بتبوك,ومن يتحدث عن أن السعودية تعادي مصر الثورة فعليه إثبات ذلك والبينة على من ادعى كما اليمين على من أنكر, ولا أشد من الطلاق البائن يمينا يمكن أن يقدمه عبد العزيز القطان سفير السعودية وممثلها الشرعي والرسمي الوحيد في مصر.
طيب اردم على كل ما سبق أعلاه و اركض إلى لغة المصلحة التي تحكم علاقات الدول والشعوب,وتذكر عدد المصريين بالسعودية ومصالحهم وعدد السعوديين بمصر ومصالحهم ,وكما نحرص على إنفاق عشرات المليارات من الجنيهات على السياحة الدينية بمكة والمدينة, فكذلك علينا الحرص على تهيئة البيت لاستقبال السياحة السعودية بمصر ناهيك عن الطلبة الدارسين, ولن أتحدث عن جذب الاستثمارات حتى لا يتهمني جاهل بالاستجداء والشحادة.
لقد قمنا بثورة هي الأروع قبل أن تغزوها فيروسات العصبية والفئوية و (يا أرض اتهدي ما عليكي قدي) وليس أمامنا إلا الإخلاص والعمل وتنمية الإنجاز والابتسام ومعرفة العدو من الجاسوس الصديق .
أضف تعليق