كتاب سبر

فساد البطانة

إن أخطر أنواع الفساد الذي تتعرض له أية دولة هو فساد البطانة من المتعلمين والمثقفين وأصحاب النفوذ والقرار سواء من مستشارين أو وزراء أو برلمانيين؛ نتيجة لفداحة الضرر والآثار السلبية المتوقعة جراء ذلك على المجتمع والدولة.
والفساد لايقتصر فئة دون الأخرى فهو موجود أيضا في مستويات القوى العاملة الدنيا، وإن كان غير مقبول ولا يقل سلبية عن فساد الطبقة المتعلمة والمثقفة والمتنفذة، إلا أنه من الممكن أن يبرر عند البعض، إما للجهل أو الحاجة, بعكس المتعلم أوالمتنفذ أو صاحب القرار، فإنه يدرك ذلك الخطر ونتائجه، ولكنه يتجاهله؛ لضعف القوانين الرادعة أو لغياب تفعيلها، فينطبق عليه المثل القائل من أمن: “العقوبة أساء الأدب”.
في السنوات الأخيرة ومع بروز الرشوة والفساد والتراجع في بعض القيم لمجتمعنا على مستوى القوى العاملة في بعض الجهات الحكومية، وكذلك على مستوى القوى في بعض الإدارات العليا، هناك من يلقي اللوم تارة على الحكومة وتارة أخرى على أعضاء مجلس الأمة؛ نتيجة للعلاقة المتوترة بين الطرفين، مما سمح للواسطة وعزز تفشي ظاهرة تجاهل أو تغييب تطبيق القوانين والاستغلال السيئ للأموال؛ لكسب ود البعض والولاءات في مختلف القطاعات والجهات.
هل أصبحنا نعيش عصر ندرة الأشخاص القابضين على الجمر، والذين يتحملون تبعات موقفهم النابع من مسؤوليتهم المهنية والأخلاقية تجاه المجتمع والدولة؟ حيث نجد أن بعض المتعلمين والمثقفين هم من ساهموا وعززوا انتشار الفساد وأصبح البعض يفتقد احترام المواطنين، مما أدى لانحدار فكري في سلوكياتهم أفقدت فيهم الثقة لقيادة المجتمع.
نعتقد أن تفعيل القانون وتطبيقه بحذافيره على الجميع دون ازدواجية في المعايير أو انتقائية للأشخاص هو الكي والعلاج لجميع الهفوات المزمنة.
أما بالنسبة لمن يلقي اللائمة فقط على العلاقة المتوترة بين السلطتين، فنرى أن ذلك ربما يعد تجنيا؛ لأن الوضع السياسي في الكويت يبدو طبيعيا، ويتسم بالحراك الديمقراطي المطلوب؛ لأن الأداء الحكومي في مد وجزر من حيث الاتفاق والاختلاف مع الرقابة البرلمانية؛ لذا من الصعب أن يكون مساره في تصاعد إيجابي مستمر، وكذلك ربما من المستحيل أيضا أن يكون في انحدار سلبي على طول؛ وذلك لوجود تيارات وقوى سياسية مختلفة سواء من الناحية الفكرية أوالاقتصادية أو القبلية أو الطائفية أو الفئوية, فاستمرار الوضع السياسي على وتيرة واحدة إنما يدل على أن هناك خطأً في الأداء، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً، فالعملية السياسية المحلية من المفترض أن ننظر لها كرسومات تخطيط نبضات قلب الإنسان مرة في ارتفاع ومرة أخرى في نزول، فإن استمرت على خط مستقيم فهذا دليل على توقف قلبه ومفارقته للحياة. 
Twitter: @Dr_Abdulaziz71 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.