“اليوم نحن ممنوعون من استخدام الشاطئ، وغدا هل سنمنع من السير في الشوارع؟”.. هكذا ردّدت مستنكرة، الفرنسية المسلمة “سيام” من تولوز جنوب غربي البلاد، في حديثها لوسائل إعلام محلية عن تغريمها وتعرّضها لإهانات عنصرية لارتدائها الحجاب على ساحل مدينة “كان” الجنوبية.
الحادثة أثارت ردود أفعال متباينة على الصعيدين المحلي والدولي، تماما مثلما لاقت، في حينها، ذات المواقف المتناقضة من قبل المارّة الذين كانوا متواجدين على الشاطئ، بحسب رواية “سيام” والتي قالت إنّهم تجمهروا عندما كانت تتناقش مع رجال الشرطة، وقد دافع عنها البعض، في حين صفّق آخرون لهم وصرخوا بها “عودي إلى بلدك، فنحن كاثوليك هنا”.
“كان” التي كانت أول مدينة فرنسية تحظر ارتداء لباس السباحة للمحجّبات “البوركيني”، مع ما رافق ذلك من جدل واسع وتوسّع قرارات الحظر لتشمل مدنا وبلدات أخرى، تفجّر اليوم جدلا يقول مراقبون إنّه ربّما يسفر عن ارتدادات وخيمة على وضع هشّ تواجهه البلاد، في علاقة باستهدافها بالهجمات الإرهابية، وعودة السجال حول الهوية الفرنسية وعلمانية الدولة إلى واجهة المشهد فيها.
وحظرت عدد من البلديات في فرنسا، خلال الأسابيع الماضية، “البوركيني” على عدة شواطئ؛ من بينها مدينة “كان”، بحجة “احترام العلمانية ودعم الجهود الأمنية”، وسط استنكار مؤسسات أهلية ونشطاء في البلاد.
والبوركيني هو بدلة سباحة تغطي كامل الجسم ماعدا الوجه واليدين والقدمين ولاقت رواجًا كبيرًا لدى المسلمات، وهي مطاطية بما يكفي للمساعدة في السباحة، وهي مشتقة من كلمتي “برقع” و”بيكيني” الذي يغطي جسد المرأة كاملا بالإضافة لشعرها.
وفيما برّر رؤساء بلديات المناطق التي حظرت “البوركيني” قراراتها بالتهديدات التي يطرحها ارتداء زيّ يحمل إشارات أو رموز دينية، لأمن الدولة والعيش المشترك بين مختلف سكانها، إلا أن حظر الحجاب في شواطئ “كان” يستبطن أوجه غرابة بالنسبة للعديد من المراقبين وجزء هام من الرأي العام الفرنسي، نظرا للتضارب الواضح المسجّل على مستوى تطبيق منع “ارتداء الرموز الدينية” على الشواطئ الفرنسية، لاسيّما وأن الشرطة في هذا البلد حرصت على توضيح أن قرار الحظر لا يشمل ارتداء “الصليب” الرمز الديني للمسيحيين.
“سيام” البالغة من العمر 34 عاما، وهي أمّ لطفلين، فرضت عليها الشرطة الفرنسية، الثلاثاء الماضي، غرامة مالية بـ 11 يورو (ما يعادل حوالي 12.4 دولار أمريكي)، أطّلعت الأناضول على المذكرة المحررة ضدها، مع أنها كانت تصطحب ابنيها في جولة شاطئية، ولم تكن لديها حتى نية السباحة، وكل ما في الأمر أنها كانت تنوي “وضع قدميها في الماء فقط”، كما قالت لموقع إخباري فرنسي.
ولفتت “سيام”، هذه الفرنسية التي اعتنقت الدين الإسلامي، إلى أنها المرة الأولى منذ ارتدائها الحجاب منذ 6 أعوام، التي تتعرّض فيها لحادثة مماثلة، معتبرة في حديث لها للأناضول، أنّ وقوع مثل هذا الأمر “غير مقبول” بالنسبة لها، لأنها لم تكن ترتدي “البوركيني” يومها، وكل ما في الأمر أنها كانت تضع حجابا وترتدي ملابس عادية.
“أرجّح أن يكون أحدهم استدعى الشرطة يومها، بما أن 3 من عناصرها توجّهت إليّ مباشرة لإبلاغي بالقرار (قرار عمدة “كان”)، قبل أن يخبروها بأن على مستخدمي الشاطئ ارتداء “الزيّ المناسب”.
وأصدر عمدة كان ديفيد ليسنار (من حزب “الجمهوريون”/ يمين) هذ الشهر قرارا يقضي بأن “دخول الشواطئ والسباحة ممنوعان على أي شخص لا يرتدي ملابس سباحة لا تحترم العادات المتبعة والعلمانية أو تظهر أي انتماء ديني”.
وبدا الأمر -على غرابته- عاديا بالنسبة للسيدة الفرنسية، غير أن الجدال بدأ يأخذ منحى تصعيديا مع قول عناصر الشرطة لها بأنه يمكنها البقاء على الشاطئ في حال غيّرت ترتيب حجابها بحيث يتحوّل إلى عصابة تربطها حول رأسها، غير أنّ “سيام” ردّت بالقول: “لا أستطيع تحويل حجابي إلى عصابة للرأس، لأني أريد إخفاء رقبتي أيضا، ولا أرى ما الذي يثير القلق في ذلك”، فكان أن طلبت منها الشرطة مغادرة الشاطئ.
“قالوا لي”، تتابع “سيام”: “لا تريدين مغادرة الشاطئ؟ لا؟ سنقوم بتغريمك إذن”، مضيفة أن ما أثار صدمتها ليس ما قامت به عناصر الشرطة فقط، وإنما كان لردود أفعال المارة أثر كبير عليها.
“3 أو 4 أشخاص فقط ساندوني وأيّدوني”، تضيف “سيام”، “في حين أظهر البقية سعادتهم لما يحدث معي، مردّدين عبارات ‘أنت لا تنتمين إلى هنا.. عودي من حيث أتيت'”.
وبحزن مشحون غضبا، تضيف: “أنا فرنسية المولد، من أبوين فرنسيين، وأجدادي فرنسيون، ولقد تحوّلت إلى الدين الإسلامي، لكنهم قالوا لي –مع ذلك- ‘عودي إلى بلادك’، لكن أنا بالفعل في بلدي!”.
“سيام” أشارت إلى أنها في السابق، لم تتعرّض إلى “أيّ تعليق أو مضايقات أو إشكالات مع الناس” طوال الأعوام الـ 6 التي ارتدت فيها الحجاب، كما أنه لم يسبق وأن ارتدت “البوركيني” على الشاطئ، لكنها اليوم تقول إنها لم يعد بمقدورها، “في بلادها”، ارتداء الملابس على الطريقة التي تناسبها.
“أشعر بأنني مرفوضة بشكل كامل ومستبعدة في بلاد”، تضيف بذات الأسى.
ورغم أن المشهد برمته أورث “سيام” مشاعر سيئة للغاية كما تقول، إلا أنها لم تستسلم لواقع الأمر، وقررت الطعن في الغرامة المالية المفروضة عليها، فاتصلت بالجمعية الفرنسية لمناهضة الإسلاموفوبيا (غير حكومية) للطعن على الغرامة.
كما رفعت دعوى قضائية ضدّ عمدة مدينة “كان” متّهمة إياه بـ “انتهاك الحريات الفردية”، مشددة على أنها “ستبذل قصارى جهدها من أجل أن لا يتكرر مثل هذا الحادث مرة أخرى”.
ماتيلد سي، الصحفية الفرنسية، أضافت بعض التفاصيل لرواية “سيام”، وتحديدا فيما يتعلّق بردّ فعل عناصر الشرطة، حيث كانت بالصدفة موجودة في المكان الذي جرت فيه الحادثة.
الصحفية الفرنسية أوضحت، في حديث للأناضول، أنّ الشرطة ترى في قرار الحظر الصادر عن عمدة “كان” منعا لـ “جميع الرموز الدينية الظاهرة على الشاطئ”، ما يعني أن المنع لا يشمل “البوركيني” فحسب، على حدّ تعبيرها.
ماتيلد قالت إنها سألت عناصر الشرطة، يومها، عما إن كان القرار يشمل وضع الصليب، بما أنه هو الآخر يعتبر من “الرموز الدينية الظاهرة”، غير أنها تلقّت إجابة جافّة مفادها “لن نتتبّع من يضع الصليب بأي حال”، رافضين الإجابة عن وضعية مقارنة بشأن التهديد الذي يشكّله الحجاب والصليب للعلمانية التي ترتكز عليها الجمهورية الفرنسية.
وتماما مثل “سيام”، قالت الصحفية إنها صدمت بردود أفعال الناس المتواجدين على الشاطئ يوم الحادثة، والذي أيّدوا في معظمهم الشرطة. “لم يكونوا مسنين فقط، وإنما كان هناك شباب في الثلاثينات ممن ساندوا تدخّل الشرطة”، تضيف باستياء.
مفروض المحجبات الفرنسيات يطالبون بشاطئ لهم كونهم مواطنات حالهم حال شاطئ العراة ماضاع حق وراه مطالب يلا همتكم بدال التحلطم
استغرب لماذا المسلمين لايمنعون ملابس القساوسة في بلادنا معاملة بالمثل؟؟