كتاب سبر

(اسمع يا محمود)

 وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى
                            أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا
                                                                  (المتنبي)
لا تنكريني.. فإني لست غريبا عنكِ، أنا ابن أولئك الذين حفرت حوافر خيولهم على ثرى بيدائك الأمجاد.. سلي بطحاء “ذي قار” عن أبطال عانقت القبور فيها هاماتهم بالعز، وأنشدي رمال “القادسية” عن فرسان أبت أنوفه الخنوع فعرف غبارها وقسطل معركتها دهاليز أنوفهم، سقت دماؤهم زهور تاريخك، وأطعمت رماحهم وحوشك من جيف “رستم” وجنده.
 
نحن أحفاد ابن الخطاب وسعد والقعقاع.. وحيدر الكرار وسليمان الفارسي، يا صحراء شبه الجزيرة العربية.. فلما ترفض أرضك خيمتنا، وتنهش ضباعك قوافلنا، رمضاؤك لنا وظلالك للغرباء.. ولتسمع جبالك ولتنصت سهولك كلماتي القادمة أخاطب فيها من ملامحه لا تشابه تضاريسك..!!
 
يا “حج” محمود حيدر.. يا من كانت صحفك وقنواتك تزأر لحرية المغرد “ناصر أبل”،  لماذا ارتفع صوت نقيق أنثى الضفادع اليوم عندكم مشتكياً على المغردين ومطالباً باعتقالهم، ألم تنثر صحفك دموعها حبراً على صفحاتها؛ بسبب اعتقال “ناصر أبل” الذي وكأنه “ويكيبيديا للبذاءة” وكلماته فظة غليظة كدم الضرس، ألم تصرخ صحيفة الدار وزوم وتصدح بأن لا ينتهك ستر حرية الكلمة، فما بالكم اليوم تفضوا عذرية حروف منتقديكم، لماذا تلتهم قناة العدالة ما تقيأته من الآراء مسبقاً، أم أن الحق عندكم مثل أجساد عارضات الأزياء تبقى نحيفة وهزيلة حتى ترتدي ما يريد المصمم لها، والحرية لديكم مثل “عيون الثور” لا يهيج ولا يثور إلا من أجل لون واحد فقط!! .. أوااه نسيت أن الثور لديه عمى الألوان مثل إعلامكم فهو ضرير ولا خوف عليه من قصر النظر.. تلك بضاعتكم مزجاة لا يسقط عليها إلا الذباب، بل حتى الذباب يحمل في طيات جناحيه داء ودواء، ولا يحمل إعلامكم إلا الداء، فأنتم من لوث انتفاضة شعب البحرين ومطالبه بطائفيتكم السوداء، كما يلوث الكحل الأسود الكاذب لون الدموع ويشوه شفافيتها..!!
 
نعم .. أنا لا أتفق مع الكثير من الأفكار الذي يحملها من حركت ضدهم القضايا، ولدي فوبيا من مصطلح “أذناب إيران”، ولكن أنصاف المحابر كغيث السماء يهطل على من يحب ومن لا يحب كما يقال، وقد أختلف مع الأخوة السلفيين الذي شتمهم “بطلكم” ناصر أبل، ولكن لا أدام الله قلمٌ يجرد من غمده في معارك مع المختلفين معه وليس فيه بساتين تنصفهم، ومن قال إن الشتائم التي تفوه بها “بطلكم” هي المفهوم الصحيح للحرية، بل حتى بطلكم الزجاجي ناصر، وإن كُنا لا نتقبل وقاحته ولا نحترم رأيه، إلا أننا كنا أول المطالبين بتطبيق القانون عليه، وأن لا تهان آدميته ولا يجرد من إنسانيته، وإن افترضنا أنه يستحق القتل، فيعدم باسم القانون ووفق نصوصه..!!
 
ولكن البعض.. وثلة من صحبهم وشرذمة من شركائهم، لم يكتفوا بأن قتلوا الدستور والحريات، بل أرسلوا نسورهم وضباعهم لتلتهم ما تبقى من أشلائه، وهذا ربيعهم وخريفنا، و هذا عصرهم الذي به يتم “عصرنا”.. ولكل زمان دولة “ودجال”، فما أجمل الأغلال تشد وثاقها على معصم من لم تعتقل الكلمات في فمه، وما أروع السهر في الزنازين لمن لم ينام الكلام في فمه، وإني لمتعطش لقضاياهم وأنفي متشوق لرائحة الجدران الأسمنتية من أجل نقدهم، فإن كانت “شهادة لا حكم عليه” في وقت الربيع العربي قد تكون شتيمة للمرء، فإني أرفض أن أنال في زمن تغطرسهم شهادة حسن سير “وسكوت” فقد عشقت قدمي أرض النيابة العامة من أول خطوة وما زلت مشتاق لعناقها..!!
 
 (أسمع يا محمود) إن كانت الكويت كلها سوف تنقسم بسببك إلى نصف مدان وآخر غير مدان، فإني أنصحك بدلاً أن تبني مستشفيات لأهل الكويت ومركز “سحي” أن تتبرع ببناء سجون وعنابر، فإنهم لن يصمتوا ولن ترهبهم الملاحقات..!!
 
عزيزي القارئ.. لدي صديق يردد دائماً إننا في غابة لكنا نحن الضعفاء وهم الأقوياء، لأن سلوكيات من يعيش في الغابة، التي يجيدونها هم ولا نتقنها نحن، ولكن حتى في الغابة لا تقتل الطيورالمغردة إلا لغريزة الجوع، لا لأن البعض ينزعج من تغريدها على الغصون، وما عتبنا إلا على وطن تسير فيه كلاب الفساد.. وتنبح به القافلة.!!
 
صعلكة:
لقد اختلف الأمر كثيراً.. الآن يقولون:
انثروا “القمع” على رؤوس الجبال؛ لكي لا يقال “غردَ” طير.. في بلاد المسلمين..!!
  محمد خالد 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.