آراؤهم

تكلفة الإصلاح السياسي

 يعتقد البعض أن إبقاء الوضع السياسي الحالي والمتأزم وإدارته ببعض التنازلات والتحالفات والترضيات، هو أفضل من الرضوخ لطلبات الشارع السياسي والمعارضة والمتمثل بإسقاط الحكومة.
ويغفل الكثير عن حقيقة أثبتها التاريخ القريب والبعيد، بأن كل تأخير بإجراءات الإصلاح السياسي يحمل النظام السياسي تكلفة باهظة؛ لأنه حتماً يؤدي لرفع سقف المطالبات الشعبية والنيابية..!
ربما كانت تنحصر المطالبات الشعبية والنيابية في مواضيع  متصلة بالتنمية الاقتصادية، والمزيد من الرفاهية ومراقبة السلوك المالي للحكومة؛ ولذلك جاءت أكثر الاستجوابات من نصيب وزراء المالية، فتطور الأمر إلي استجواب وزراء الأسرة الحاكمة، ثم طالت المساءلة رئيس مجلس الوزراء.
 وكان طموح المعارضة السياسية فقط أن تكون جلسة استجواب سمو الرئيس علنية وليست سرية، ولم تحصل على مطلبها، بل في الاستجواب الأخيرللرئيس تم تحويله إلى المحكمة الدستورية، ولم تتمكن المعارضة حتى من استجوابه ولو بجلسة سرية..!
بالتأكيد نجح النظام السياسي بتأجيل سقوط الرئيس وخسر الكثير من نواب مجلس الأمة، وكذلك الرأي العام، وخصوصاً مع غياب الإنجازات التنموية كإنشاء مستشفي أو جامعة أو مدينة سكنية أوطرق سريعة.. لاشيء.
أما علي صعيد القضايا المجتمعية، فكان الإخفاق الأكبر للحكومة، فالفتن الطائفية والفئوية إن لم تكن الحكومة من افتعلها كما يدعي خصومها، فإنها لم تحاول حتى إخماد نهارها التي مازالت تشتعل بمجتمعنا، صراع أبناء الأسرة الحاكمة كان حاضراً، بل ربما استخدم بعض الشيوخ كحصان طروادة لبعض الأطراف لضرب الحكومة.
أما علي مستوى علاقة الحكومة مع مجلس الأمة فحدث ولاحرج فلاتعاون ولايحزنون، كانت المعارضة في السابق تتشكل من نائب أو نائبين أوحتي كتلة برلمانية واحدة، فأصبحوا بفضل سياسة الحكومة إلي مايقارب نصف البرلمان (22نائب مع عدم التعاون).
أما حلفاء الحكومة من النواب فدارت حول مواقفهم ودعمهم للحكومة بالاستجوابات الكثير من الشبهات، حتي وصل الأمر إلي مايسمي بالإيداعات المليونية..!
وفي هذا الصراع القائم تناست الحكومة برنامج عملها وخططها التنموية، وأصبح شغلها الشاغل هو مقاومة رغبة المعارضة وأغلبية المواطنيين برحيلها.. فزدادت المظاهرات يوماً بعد يوم وزدادت مطالب المتظاهرين، فبعد أن كانوا يطالبون برحيل الحكومة، أصبحوا ينادون بمحاكمتها وليس فقط استجوابها علي ضوء (الفضيحة المليونية)، بل رفعت المعارضة السياسية من سقف مطالبها لتشمل الدائرة الانتخابية الواحدة، وإنشاء الأحزاب السياسية وهيئة مستقلة للانتخابات، بل ذهب بعض الشباب المتحمس إلي المطالبة بإمارة دستورية إشارةً إلي جعل منصب رئيس الوزراء من الشعب.!
في النهاية كلما كان الإصلاح السياسي والاقتصادي مبكر، كلما قلت تكلفته على النظام السياسي الذي نؤمن به ونحبه. 
عادل عبدالله المطيري