لم تعد مشاركة العناصر الأفريقية ضمن قوات حفتر خافية على المتابعين للشأن الليبي؛ فبعد أن تردّدت، عديد المرات، مشاركتهم في القتال الدائر جنوب ليبيا، وتحديداً في أوباري والكفرة، نيابةً عن حفتر؛ أكّدت تصريحات دول غربية، بالإضافة لأحد بيانات المجلس الرئاسي، وجود قوات تشادية، وأخرى تابعة لحركة “العدل والمساواة” السودانية، ضمن صفوف قوات حفتر التي اقتحمت، السبت الماضي، منطقة الهلال النفطي.
وبدأ التقارب بين قبائل التبو تحديداً وقائد “جيش البرلمان”، الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، مطلع عام 2015، بعد عدة لقاءات بين الأخير وزعيم مليشيات التبو، عيسى عبد المجيد منصور، الذي يعتبر زعيم “حركة تحرير التبو” أيضاً.
ورغم اشتهاره بهذا الاسم؛ إلا أن اسم زعيم التبو الرسمي هو: عيسى ماينا أنجري درستو، وهو ضابط في الجيش التشادي دخل إلى ليبيا عام 2012 ليقود مليشيات مكونة من قبيلته، المتواجدة أيضاً جنوب ليبيا بكثافة، وليمارس دوراً سياسياً من خلال تواصله مع عديد الزعامات والشخصيات السياسية في المؤتمر الوطني العام السابق، قبل أن يتم الإعلان رسمياً عن تنصيبه مستشاراً لرئيس البرلمان، عقيلة صالح، في الشؤون الأفريقية.
وتقطن قبائل التبو، المكونة من ثمان وثلاثين قبيلة، جنوب ليبيا وتشاد والنيجر، وتتواجد في مصر والسودان وجنوب الجزائر أيضاً، وتورّطت بعض هذه القبائل في علاقات عسكرية مع نظام القذافي، إذ استعملها الأخير في حروبه ضد الرئيس التشادي السابق، حسين حبري، وفي حروبه في أوغندا، وأصبح منهم وزراء في تلك الآونة، إلا ان القذافي، إثر خسارته في حروب تشاد، تخلى عن التبو، ورفض منحهم الجنسية الليبية منذ عام 1982م.
وفي عام 2007، أعلن عيسى عبد المجيد عن تشكيل “جبهة إنقاذ التبو” في النرويج برعاية فرنسية، وضمت الجبهة عشرين شخصية أفريقية، من بينها زعامات ليبية، وقادت عدة حركات تمرّد مسلحة عام 2008 في الكفرة وسبها وبعض المدن الليبية، مما حدا بالقذافي لاحتوائهم وتشكيل لواء مسلح من أبناء تلك القبائل، عرف باسم “كتيبة أسود الصحراء”، وقد شارك في قمع الثورة عام 2011 بقوة.
وتسيطر مليشيات التبو حالياً على مدن مرزق وتراغن والكفرة ومنطقتي تازربو والسرير، وهما أغنى مناطق جنوب ليبيا بالنفط، كما دخلت منتصف عام 2014 في صراع مسلح مرير مع قبائل الطوراق للسيطرة على مدينة أوباري الاستراتيجية جنوب ليبيا، دون أن تتمكن من ذلك.
وعن خلفيات علاقة التبو بحفتر، قال مصدر برلماني مطّلع لـ”العربي الجديد”، إن حفتر “لم يكن لديه بد من التواصل مع التبو، فهم خياره الوحيد للامتداد للجنوب الليبي، لكونهم يشكّلون ثاني أكبر القبائل في الجنوب، سيما وأن الطوارق، أولى أكبر القبائل، انحازت لعملية فجر ليبيا”.
وكشف المصدر أنّ عيسى عبد المجيد هو من بادر للاتصال بحفتر مبعوثاً من قبل الفرنسيين، حيث قدم له ضمانات بولاء قبائل التبو”.
وقال المصدر إن “تقارير وصلت لحفتر كشفت عن قدرات قتالية كبيرة تمتلكها مليشيات التبو، التي تدربت بشكل مكثّف في معسكرات بمنطقة البحيرات الخمس”.
وأضاف: “حفتر، من خلال هذه التقارير، كان يعلم جيداً أن عيسى عبد المجيد على صلة ممتازة بسفير إسرائيل الأسبق في فرنسا، نسيم زويلي، وبمستشار للرئيس السنغالي السابق، عبد الله واد”، كما أن الجانب الفرنسي فرض على دولة تشاد التنسيق مع عيسى عبد المجيد لدعم حفتر، إذ تم اختيار “زكريا، ابن الرئيس التشادي ادريس دبي، مسؤولاً عن هذا الملف.
وكان مسؤولون ليبيون، من بينهم عميد بلدية سبها، جنوب ليبيا، حامد الخيالي، والمتحدث باسم الحاكم العسكري للمنطقة الجنوبية، سعد العرفي، أكّدو أن المليشيات المسيطرة على مناطق مزرق وتراغن والكفرة والمناطق النفطية في تازربو والسرير مؤلفة من عناصر من الجيش التشادي، والعدل والمساواة، في أغلبها.
وتتكون المليشيات التباوية المسيطرة على الجنوب الليبي من عدة فصائل مسلحة متنقلة بين الجنوب الليبي وتشاد لا يُعرف عددها، ولكن أبرز قادتها هم بركة وردكو، ومحمد ولد سيده إبراهيم.
وفي مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، أعلن رئيس المجلس البلدي لمدينة زلة جنوب الهلال النفطي، صالح الأمين، عن سقوط قتيل من المدينة إثر اشتباكات مسلحة مع مليشيات التبو و”العدل والمساواة” التي حاصرت المدينة قبل أن تنسحب منها.
لكن العديد من المصادر أكدت أن مليشيات التبو التشادية، ومليشيات “العدل والمساواة”، بقيادة رجب جو، عسكرت غير بعيد من زلة ومرادة، جنوب منطقة الهلال، وشاركت فيما بعد في اقتحام السدرة وراس الانوف، بالاتفاق مع قيادة حفتر.
أضف تعليق