بعد انتصاره الكبير على الرومان في معركة “أسكالوم” وقف القائد الاغريقي العظيم بيروس ينظر بحسرة نحو ميدان المعركة ,شاهد بيروس بأم عينيه أكوام جثث جنوده على طول وعرض ميدان المعركة ,اكتشف حينها أنه خسر هنالك ثلثي جيشه كثمن للانتصاره المجيد,لم يلبث بيروس بعدها إلا ان التفت نحو جنرالاته قائلاً:” مع نصر أخر كهذا, سوف نخسر الحرب بالتأكيد!”,وفعلا خسر بيروس الحرب أخيراً رغم أنه لم يهزم في معركة قط !.
العم أحمد عبد العزيز السعدون “بيروس” أخر يطل علينا من ميدان السياسة الكويتية , هو جنرال سياسي عظيم ذو تاريخ مجيد كبيروس تماماً , لم يهزم في معركة سياسية قط , ولم تنزل راياته أبداً أمام أي قوة مهما كانت , قاد معارك المقاطعة منذ اندلاع شرارتها بعد ابطال مجلس فيراير , كسب معركة المجلس المبطل الثاني باقتدار , حتى صار الاعتراف بوجود المجلس المبطل الثاني نكتة سياسية لا يستطيع أحد سردها من دون أن ترتسم ابتسامة سخرية على طرف شفتيه .
بعدها خاض السعدون معركة الشرعية الشعبية مع مجلس 2013 وانتصر بها أيضاً ,يشهد على هذا نظرة الشارع اليوم ” المش ولابد ” للمجلس وكلام رئيس المجلس المنحل وأعضاءه الذين كانوا أول من تبرأ منه حتى جاء مرسوم الحل ليدق المسمار الاخير بنعش المجلس حينما لم يراه كفؤاً لمواجهة الظروف الاقليمية والتحديات الامنية ,وبين هذا وذاك انتصر السعدون بمعركة “الموقف الصلب” وما زالت راية المقاطعة بذات شروطها الأولى ترفرف فوق رأسه عالية وتجذب تحتها نسبة لا بأس بها من الناخبين والنواب السابقين المؤثرين لا أحد ينكر ذلك أو يشكك به أصلاً ولكن يحق لنا أن نسأل ما هو ثمن انتصارات معارك السعدون ؟
لا شك بأن الثمن كان مكلفاً جدا , فالشعب مصدر السلطات جميعا صار بعد المقاطعة “جمهور مدرجات” ,مجرد متفرج يشاهد بلده وهي تدار من بعيد لبعيد , لم يعد الشعب ذلك اللاعب الدستوري الذي يؤثر في نتيجة المباريات علي ملعب وطنه , افتقدنا أدوات التأثير الدستورية وبجدارة وصار جل ما نستطيع فعله هو التصفير أعتراضاً على بلنتي تشريع يهدد مرمى حقوقنا , أو الامتعاض أمام فاول في منطقة جزاء الدستور لم يحتسبة الحكم وتغاضى عنه , صرنا بفضل المقاطعة جمهوراً يمارس رياضة ” التحلطم ” ونحن نتلهى “بفشار التويتر” و ” بَنَك السناب” وعصائر ا”لانستغرام” ,هذا هو الثمن الفادح لانتصارنا البيروسي في معارك المقاطعة وهو ثمن بلا شك سيجعلنا بالاخير نخسر حرب واقعنا السياسي في حال اضررنا لمواجهة اربع سنوات أخرى مع مجلس 2013 أخر!
“بيروس ” فهم هذا بعد انتصاره العظيم الذي كلفه خسارة حربه فيا عمنا أحمد السعدون ويا معسكر المقاطعة أليس فيكم “بيروس” رشيد !
من يقرأ المقال يعتقد أننا كنا، قبل المقاطعة، بالفعل مصدر السلطات واللاعب الفاعل في تغيير المشهد. مجالسك كانت ما بين حل وإبطال.