(عدتم من حيث بدأتم) و (تعود جزيرة العرب مروجا وأنهارا).
حديثان صحيحان للنبي صلى الله عليه وسلم تدل عليهما التطورات والجاريات من الأحداث هذا الزمان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منعت العراق درهمها وقفيزها ومنعت الشام مديها ودينارها ومنعت مصر إردبّها ودينارها وعدتم من حيث بدأتم، شهد على ذلك لحم أبي هريرةَ ودمه (صحيح مسلم – رقم 2896 – كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب).
قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: “وفي معنى منعت العراق وغيرها (أي الشام ومصر) قولان مشهوران: أحدهما: لإسلامهم فتسقط عنهم الجزية وهذا قد وجد والثاني وهو الأشهر: أن معناه أن العجم والروم يستولون على البلاد في آخر الزمان، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين”.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: قفيزها ومُديها وإردبّها دلالة على منع هذه البلاد خروج خيرها الموزون، لذا أشير إلى مكاييل تعرف في هذه البلاد.
وفي ذكر عملات البلاد “درهمها” و”دينارها” دلالة على منع هذه البلاد خروج خيرها المعدود من المال.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: وعدتم من حيث بدأتم ثلاثا تأكيد على الأمر والعودة إلى زمن الغربة وفيه من قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في موضع آخر: “إن الإسلامَ بدأَ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ” (صحيح مسلم).
اللافت في الحديث هو قول إبي هريرة (شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه)، وهذا من نوع القسم والتأكيد على سماعه الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم.
ويتقاطع مع هذا الحديث حديث آخر نراه أيضا يتحقق وورد في صحيح مسلم كذلك، وهو أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا”، وهذا نشهده حاليا ونشهد ما هو أهم من المروج والأنهار.
نحن نشهد على المستوى السياسي حكومات مستقرة للمسلمين، ونشهد اقتصادا مزدهرا قادرا على تجاوز الأزمات التي تشهدها الكثير من البلدان، وليس هذا فقط فدول الجزيرة العربية هي الآن من يقوم فيها الدين الحق بعيدا عن البدع والضلالات، وهي من يتولى نشر الإسلام الصحيح للعالم كافة، فالمقرؤون من أرض الجزيرة، والعلماء الكبار والكتب القيمة، وها نحن نرى العمران في أرض إبراهيم مكة وما حولها (أم القرى – المجتمعات) تزدهر، وتصير وكأنها عاصمة الدنيا بأسرها، عامرة كل الوقت، آمنة مطمئنة، ومثلها مدينة رسول الله، وكذا مختلف الديار في جزيرة العرب ومن دون أن تطمس ذلك الحقائق بوجود أخطاء أو سلبيات هنا وهناك، مثل التركيبة السكانية، أو الفساد الذي تمارسه شرائح من الناس، فهذا لا ينتهي في أي مجتمع مهما بلغت درجة نزاهته واستقامة أموره فسيظل هناك حصة للمنافقين والمرجفين وأهل الدنيا والباحثين على ملذات الحياة.
وقد رأيت اليوم مخططات ومقاطع مصورة عن برج في جدة يراد له أن يكون أعلى برج في العالم، ومنذ سنوات كنا نرى كثافة النور في العالم عبر خارطة غوغل فكان الضوء وسطوع الكوكب يظهر مناطق ليست لنا في أوروبا والساحلين الأميركي الشرقي والغربي وبقعا من الصين واليابان.
اليوم تسطع ولله الحمد أرض الحرمين!
إذن هي عدتم من حيث بدأتم!
والعودة مستمرة ونشهدها بحول الله وقوته ليبقى هذا الدين ويغلب ما عداه وينصره الله على الدين كله ولو كره المشركون,
وقد رأينا تطورا مذهلا في تحدي هذه النبوءة النبوية الشريفة لخاتم الأنبياء والرسل عندما أعلن مرشد إيران دعوته إلى الحج في كربلاء!
وها نحن نرى ما هو أشد إذهالا من تقصد (أم القرى) بصاروخ تدمير شامل من جانب حثالة المجوسية في أرض اليمن..
لقد عدنا من حيث بدأنا والله.
وعدنا من حيث بدأنا من عند “إن أول بيتٍ وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين” بينما الشرك يقيم (بيوتا) غيره لله في كربلاء وسامراء ومشهد والنجف والكاظمية وأطراف فيحاء الشام وغيرها، يسمونها (الحرم)، والقائمين عليها السدنة، ويحجون ويعتمرون إليها بما فاق ما أراده أبرهة الأشرم من دمار البيت العتيق، وسواد (كعبة) القليس!.
وعدنا من حيث بدأنا بينما الدول الكافرة تستضيف مؤتمرا لـ (أهل السنة والجماعة) يستثني بلاد كعبة الله ومسجد نبيه ومرقده فيعتبروننا من الخوارج!
عدنا من حيث بدأنا بينما كل القوى الماكرة تحسدنا وتبغضنا وتريد الانقضاض على ثرواتنا وأموالنا فيسابق من نظنه قريبا البعيد على ابتزازنا، في ضوء (اللهطة) التي يتخيلونها شاهت وجوههم عبر قانون جاستا!.
وعدنا من حيث بدأنا لا تعني أننا وحدنا!
فأمة الإسلام كلها معنا في شتى أقطارها، ولو استُثني منها أهل اللطم والنطنطة والتأويل الكلامي والطعن، فالنبي وأهل الرسالة الأوائل الذين اتبعوه ورضي الله عنهم ورضوا عنه ما كانوا قوم ندب وشق للجيوب، وما كانوا دراويش يدورون حول أنفسهم كالسكارى!
وعدنا من حيث بدأنا لا تعني أن حزب الشرك والكفر قد انتصرا!
أبدًا فالله طمأننا على ديننا في آيات كثيرة أعلاها وضوحا تلك التي بشرنا فيها قطعيا فقال وقوله الحق: “الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا” المائدة 3
هؤلاء حتما لن ينتصروا والله يقول:
“هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” التوبة 33
وقوله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا” الفتح 28، وققوله عز من قائل: “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” الصف 9، وقوله سبحانه: “وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” آل عمران 176، وقوله: “فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” المائدة 13، وقوله: “وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ” المائدة 14، وقوله: “يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ” المائدة 15، وقوله: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” آل عمران 99، وقوله: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ” المائدة 59، وقوله: “يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ” المائدة 15، وقوله: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” المائدة 68، وقوله: “وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ” المائدة 64.
وتقع خسائر في العراق والشام ويموت الناس ويتهجرون.. وما في ذلك؟ فهل تتوقع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث عن المكاييل والدراهم فقط!؟
كان الصحابة موعودون بالنصر والفتح والملائكة ترفدهم، وبشرهم الله بكنوز كسرى وقيصر وبفتح مدينة الأخير ومع ذلك كانوا بستشهدون زرافات ووحدانا.
فالموت لا يعني أن الشام لا تظللها أجنحة الملائكة كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، والموت لا يعني أن العراق ليس جمجمة العرب كما قال الفاروق عمر!
وسيطرة اليهود على الأقصى وقبلهم الصليبيين لا تعني أنه ليس (المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)!
وتشرد أهل فلسطين لا يعني أن فلسطين لم تعد الأرض (التي باركنا باركنا فيها للعالمين).
تعال الآن لنرى كيفية عودة أرض جزيرة العرب مروجا وأنهارا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، مقابل خراب العراق والشام.. وقليلا مصر!
والعودة ابتداءً لا تعني أننا سننام ليلا لنصحوا فجرا وقد غطت المروج والأنهار جزيرة العرب هكذا فجأة ومن دون سابق تدرج وتمهيد وصيرورة واقعية، فهذا الدين بمجمله دين يخاطب العقل ويتماهى معه من دون غرابة أو شذوذ عن المنطق العلمي والظرفي المنسجم مع الوجود المادي الطبيعي والواقعي.
لا توجد (رسوم متحركة) في الدين الختامي المرسل إلى البشرية كافة، وليس هناك ما ورائيات عند تناول المسائل المتصلة بحياة الناس على فطرتهم.
فالغيبيات صلتها بعناصر الإيمان الكبرى التي تلبي الاستسلام لله الخالق الفاطر لكل شيء، فيؤمن المسلم بالله واليوم الآخر والبعث والحساب ألخ، وهكذا فرحلة الرسول إلى ما هو فوق العقل وخياله حيث سدرة المنتهى والملكوت الأعلى تتم في بضع ساعة، بينما رحلته في الأرض مهاجرا من مكة إلى المدينة تستغرق أسابيع!
وبالتالي فنحن في أمر عودة أرض العرب (مروجا وأنهارا) نواجه معطيات حسية كاملة ملموسة درسها العلماء فخلصوا عبرها إلى نتائج تلبي بشارة الرسول!
وحسب ما هو معتاد فإن جزيرة العرب ربما تشهد سنوات كاملة من دون قطرة مطر واحدة كما هو في صحراء الربع الخالي مما يعدم وجود أي نوع من النبات، وبالطبع هناك استثناءات من أرض العرب كاليمن وظفار وبعض السواحل وهناك خضرة مألوفة في بعض الواحات الداخلية الغنية بالآبار والعيون و (الأفلاج).
وهذا الواقع يترجمه وصف إبراهيم عليه السلام وهو ينفذ أمر الله بإسكان ذريته في الوادي غير ذي الزرع حيث يقول الله سبحانه على لسانه: “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ” إبراهيم 37.
لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (تعود) وهذا يعني أنها كانت وستعود إلى ما كانت عليه، فهو لم يقل (تصبح) أو (تصير) وإنما قال تعود، أي أن كون الجزيرة أو أرض العرب الأولى صحراء قاحلة وأودية غير ذات زرع هو (طارئ) مستجد مهاكس لما (كانت) عليه عند بداية الخلق!
وقد أكدت الأبحاث العلمية أن جزيرة العرب كانت فيافي خضراء ومروجا وأنهارا ومجاري غزيرة للمياه والينابيع وأن مسطحها كان نباتيا كثيفا.
ويدل على هذا بطبيعة الحال الثروات النفطية الهائلة لتي تدخرها أرضها والتي هي متراكمات عبر ملايين السنين من النبات الذي تحول في جوف الأرض إلى نفط.
وفي الحقبة البليستوسينية pleistocenc الجيولوجية قبل نحو مليون سنة والتي انتهت منذ 10 آلاف سنة ساد الأرض مناخ بارد وجليدي غطى أوروبا وأميركا الشمالية.
في هذا العصر الجليدي Glacials حدثت فترات دفيئة فأخذ الجليد بالذوبان وهي فترات متقطعة تسود الحقبة الجليدية Interglacialsفتحسنت حالة الأرض المنخية إلى حد بعيد.
وهذا كانت الجزيرة العربية والأقاليم المماثلة عند خطوط الطول والعرض تتعرض في هذه الفترات الدفيئة إلى الرياح الغربية الممطرة التي تهب حاليا غرب أوروبا، فتجري فيها الأودية الغزيرة والأنهار الفائضة وسط حزام أخضر كثيف مليء بالأشجار والنباتات من كل صنف ولون.
وما طرأ هو تحول محوري لكوكب الأرض جعل أرض العرب تقع ضمن نطاق ما يسمى (الرياح التجارية) Trade Wind Deserts ما تسبب بالجفاف الدائم حيث يكون قطاع طبقة التوبوسفير خاضعا لتأثير الضغط المرتفع جراء هذه الدورة الميكانيكية لكوكب الأرض.
وهكذا تغير المناخ في أرض العرب عدة مرات وبحسب الجيولوجي الأمريكي هال ماكلور في رسالة دكتوراة عن الربع الخالي كانت هناك انقلابات بالتغيير، فالبحيرات كانت تغطي جزيرة العرب خلال العصور المطيرة فظهرت مرتين الأولى قبل 37000 – 17000 سنة والثانية بين 10000 – 5000 سنة مضت.
وقد لاحظ علماء اللغات أن غنى اللغة العربية ناجم عن تنوع حيواني ونباتي كثيف وكثير حيث للشيء الواحد عشرات الأسماء عند العرب.
وقد اكتشفت بعثات علمية تنقيبية حديثة أدلة على وجود حيوانات خرطومية ثديية من أقارب الفيلة المعاصرة وأفراس النهر وآكلات اللحوم والخيل ووحيد القرن والسلاحف والتماسيح والأسماك والطيور وقرود مختلفة الأنواع والأحجام وكذا بقايا ديناصورات.
وثابت علميا الآن أنه في حقبة (الميوسين) كان البحر الأحمر مفتوحا على البحر المتوسط ولكنه كان مغلقا من جنوبه بجسر بري قائم بين الحبشة واليمن.
وفي حقبة التصوير الفضائي دلت صور للمنطقة على وجود أنهار عظمى مثل ذلك الممتد من منتصف البحر الأحمر وحتى شواطئ الكويت تفوق باتساعها نهر النيل.
وقد وجد المنقبون في أعماق مطمورة أصدافا وحلزونيات مثل تلك التي تعيش في المناخ الاستوائي غزير الأمطار.
وعام 1834م اكتشفت قلعة قرب عدن تعرف بـ (حصن الغراب) وعثر في أعماق قريبة منها على لوحة رخامية عليها سطور مذهلة تصف ذلك العصر السحيق تقول:
قضينا دهورا بين أفنية هذه القلعة في عيشة راضية لا يشوبها ضيق أو عسر وتحيط بنا مياه البحر في حالة طغيان المدّ وأنهارنا تفيض مندفعة غزيرة وبين النخيل الباسقات كان حارسها يغرس الرطب الجني على ضفاف الجداول المتعرجة الدافقة بالماء أو الجافة وكنا نصيد صيد البر بالحبال والغاب كما كنا نخرج الأسماك من أعماق البحار وكنا نختال في مشيتنا رافلين في ملابسنا الحريرية الموشاة عند أطرافها وثياب سندسية خالصة وأردية ملونة بخطوط خضراء وكان الملوك الذين يحكموننا منزهين عن الدناءة أشداء على أهل الخديعة والغدر وقد اختاروا لنا شريعة محكمة مستمدة من ديانة هود وكنا نؤمن بالمعجزات والبعث وإحياء الموتى. (سيد مظفر الدين نادفي – التاريخ الجغرافي للقرآن – ترجمة دكتور عبدالشافي غنيم عبدالقادر – ص 182 ـ 183- نقلا عن كتاب المستشرق فورستر (Forster) – الجغرافيا التاريخية لبلاد العرب).
وهذا الحصن من بقايا حضارة عاد الثانية.
والقرآن الكريم يورد قصة عاد التي كانت عامرة بالقصور والصروح، قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ” الفجر 6-8
وقال تعالى: “وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ* قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ* أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ* أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ* فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ” الأعراف 65-72
وقال سبحانه: “وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ* يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ* وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ* قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ* إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ* مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ* إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ* وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ* وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ* وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ” هود 50-57.
وقد تم عبر اهتمام خاص من القيادة العمانية الكشف عن آثار مدينة عاد وسبق ذلك اكتشاف البتراء في الأردن وامتداداتها في السعودية وكذا مدن شمال شرق نجران.
وإذا غادرنا الثابت من الموجودات على الأرض إلى المسألة المناخية لأن ذلك يعنينا تماما لتحقق الحديث (مروجا وأنهارا) ذلك أن المروج نتاج الأنهار، والأنهار نتاج الأمطار فيتطلب الأمر سقوط أمطار غزيرة، حيث يتم التركيز في الدراسات على التغير المحوري للأرض ضمن جريانها مع الشمس وحولها.
وهذا الدوران ليس دائريا ويتخذ مسارا إهليجيا، وبستغرق هذا نحو 100 ألف سنة ليعود للوضع الدائري كي لا تنفلت الأرض من جاذبية الشمس أو تلتحم بها، وتبلغ المدة اللازمة لتغير محور الأرض في دورانها حول نفسها نحو 41 ألف سنة وبميلان عن المحور العمودي مما تفسره أكثر نظريات فيزيائية، كما أن هناك تغيرا في (هندسة) مدار الأرض فيتخذ دوران المحور الوهمي دائرة تعرف بمسار الترنح Precession ليكمل المحور دورته خلال 23 ألف سنة.
إن العلماء يقولون بأننا نوشك على مغادرة (الفترة الدفيئة) من العصر الجليدي الحالي وهو ما يعني أن الأرض تقترب من بداية عصر جليدي جديد!
وهكذا تتحقق نبوءة النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: “تعود أرض العرب مروجا وأنهارا” فتصبح جزيرة العرب غابات كثيفة وأنهارا جارية غزيرة.
الله أكبر ولله الحمد.
“إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”
لافُض فوك ولا كُسر لك قلم .. وسلم الله فكرك وبنانك أستاذنا يوسف الذي أحببناه في الله واستفدنا منه الكثير في شتى المجالات وخاصّةً في نُصرة الإسلام الحقّ والمسلمين ودحر المفلسين المشركين ..
أخوك حمدان ..
اللهم صلي وسلم علي سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ،، مقال أكثر من رائع يا اخ يوسف وفيه أحداث كبيرة مرتبطة بحديث شريف ،
مقال جميل ..
لا أعرف لماذا الشيعة يحبون إيران . الشعب الفارسي شعب عنصري . في إيران يشتمون العرب و يقولون اكلي الجرادة . يشتمون الأتراك و يقولون التركي حمار . يشتمون الأكراد و يقولون الأكراد ابناء الجن .
تأكد يااخي ان القوة لا تأتي الا من عند الله وطريق القوة ليس بالسلاح ولا بالرجال وانما بالوحده نعم عدنا من حيث بدئنا ولكن هل هذا خير ام شر لنا ستقول شر بالطبع اذن انت لا تعلم الكثير عما نحن به وعما يدور حولنا اخي الحبيب عندما كان الامر اوله كان هناك محمد صلى الله عليه وسلم وعندما يعود الامر بنا من حيث كنا سيكون هناك المهدي المبشر به من محمد صلى الله عليه وسلم حتى تفهم عجلة الحياة هي بالضبط اعادة صفوف وترتيب وانطلاقة هذا كل مافي الامر اما المجوس فأمرهم طبيعي فهم سبب اعادتنا الى وحدتنا في نهاية المطاف بحروبهم علينا في الشام والعراق واليمن ولن يعدوا قدرهم ثق تماما وتأكد تماما ان الاحلاف ستتسابق الينا بعد اعادتنا الى حيث مابدئنا !!! اسئل الله ان يلطف بالامة وان يحفظ ولات امورنا من الخوارج والمجوس وكل معتدي اثيم امين . القديم