بعد إغلاق باب الترشح لخوض انتخابات مجلس الأمة الكويتي رسميًا في 28 أكتوبر الماضي، وإعلان دائرة شؤون الانتخابات اسماء المرشحين، اشتعل الحراك الانتخابي الذي كانت الملاحظة الأبرز فيه ارتفاع عدد المرشحين الشباب للمجلس المقبل، مقارنة بالدورات الانتخابية السابقة.
وبحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، بلغ عدد المرشحين الشباب للبرلمان المقبل 87 مرشحًا ومرشحة، تراوحت أعمارهم بين 30 و39 عامًا، من أصل 376 مرشحًا، ما يعكس حرص الشباب على المشاركة الفاعلة في الاستحقاق الانتخابي المقبل ودعم المسيرة الديمقراطية في الكويت.
وأكد عدد من المرشحين وفق برامجهم الانتخابية حرص الشعب الكويتي بكل مكوناته على تغليب المصلحة الوطنية العليا والسعي إلى الحفاظ على النسيج الاجتماعي ومكتسبات الوطن من خلال المشاركة الإيجابية في الاستحقاق الانتخابي ليتحقق للوطن والمواطن المزيد من الإنجازات والمكتسبات الحضارية.
وشددوا على ضرورة منح شباب الكويت من الكوادر الوطنية الفرصة الكاملة لإثبات جدارتهم، والمساهمة في دفع عجلة التنمية والتطوير والإصلاح، في ضوء ما تشهده المنطقة من تحديات إقليمية ودولية فرضتها الأزمات بالمنطقة.
قالت الدكتورة معصومة المبارك، أستاذة العلوم السياسية وأول وزيرة في تاريخ الكويت، لـ “كونا” إن التغيير سنة الحياة، “ومن الطبيعي أن تظهر في كل دورة انتخابية وجوه جديدة، وفرصة الشباب للترشح في كل انتخابات موجودة وقائمة”.
وأضافت أن هناك العديد من الشباب الذين وجدوا في أنفسهم القدرة على خوض الانتخابات، الا أن مسألة حظوظهم بالفوز في الانتخابات مرتبطة بمدى قدرتهم على الاقناع والوصول إلى مختلف شرائح المجتمع.
وأشارت إلى تضاؤل فرص الشباب الذين يطرحون أنفسهم كمستقلين في ضوء نظام الصوت الواحد، “إذ أصبح التنظيم سيد الموقف، وفرصة المستقل في المنافسة قليلة مقارنة بقدرة وإمكانية الوصول للتجمعات السياسية”.
ورأت أن القليل من الشباب المستقل يستطيع الفوز في عضوية البرلمان، لذا يلجأ إلى الحصول على تزكية أنصارهم لهم لضمان حظ أكبر في الفوز بالانتخابات. وأعربت عن الامل في أن يكون للشباب نصيب وافر من مقاعد البرلمان، “شريطة أن تكون لديهم القدرة على التفاعل مع قضايا الرأي العام والمساهمة في معالجتها”.
وأكدت المبارك ثقتها بالدور الذي يمكن أن يضطلع به الشباب في بناء الوطن بعد سنوات من التطاحن والمشادات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وقالت: “شغلنا أنفسنا مدة طويلة بالجدل الذي عطل العمل والانجاز، ويجب علينا أن نتوجه نحو العمل، وأجد أن روح الشباب هي روح متجهة للعمل نحو مستقبل مشرق”.
وذكرت أن معظم الشباب لا يملكون الخبرة الكافية حول طبيعة العمل البرلماني، لكنهم سيكتسبونها مع الوقت مثلما اكتسبها نواب سابقون.
وأشارت إلى ضرورة تركيز نواب المجلس المقبل على القضايا المتعلقة بالشباب والوطن كتطوير التعليم والبنية التحتية للطرق مؤكدة حاجة دولة الكويت لرؤية شبابية طموحة للمستقبل تعمل على تنفيذ خطط واقعية لانتشال الأجيال القادمة من حالة الاحباط، مشددة على أهمية توعية الناخبين بأداء الممارسة الديمقراطية السليمة عند بدء عملية الاقتراع لاختيار الاكفاء القادرين على وضع مستقبل الكويت نصب اعينهم.
ودعت المبارك الناخبين إلى إعطاء الشباب والمرشحين الأكفاء بصورة عامة الفرصة لتمثيلهم في البرلمان واستيعاب الدروس الماضية، معتمدين باختياراتهم على الأسس التي تتماشى مع الواقع والمستقبل بعيدًا عن أن أي انتماء لا يخدم مصلحة الوطن.
قال الدكتور محمد الرميحي، استاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الكويت، إن الشباب أمل الكويت ومستقبلها، “إلا أن المجال السياسي يتطلب توافر صفات خاصة بالنائب أهمها الحكمة والخبرة وبعد النظر”.
وأضاف: “بعض الشباب تنقصهم الخبرة في العمل السياسي، والتي تعد عنصرًا مهمًا يجب توافره في عضو البرلمان بإعتباره ممثلًا للشعب لا لشخصه أو طائفته أو مجموعته الاجتماعية، والفرص في المجتمعات تؤخذ ولا تعطى، وبالتالي فإن كفاءة المرشح على المحك، والمهم أن يكون المرشحون الشباب قادرين على التعامل مع قضايا المجتمع بشكل جيد”.
وتابع الرميحي: “لدينا مجموعة من القضايا الملحة المتمثلة في انخفاض أسعار النفط وقيام الدولة بالاقتراض من الداخل والخارج إلى جانب التماسك الوطني. وفي ضوء التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجها الدولة، ولا سيما الاقتصادية، ليس أمامنا الا الاستثمار في رأس المال البشري والأولوية هنا يجب أن تكون للتعليم الذي يعاني نواقص كثيرة، وفي حال لم يكن المرشح الشاب مطلعًا على ما يدور حوله من أمور سياسية واجتماعية فلن يتمكن من التعامل معها بشكل دقيق”.
وأوضح الرميحي أنه اذا لم يملك المرشح الشاب أدوات العمل السياسي الإيجابية والسلبية فلن يكون قادرًا على التعاطي معها بمهنية، أو على المنافسة الحقيقية في الحراك السياسي.
أضف تعليق