في المقالين السابقين تحدثت في أحدهما عن علاقة المسلمين في البلاد العربية والإسلامية بغير المسلمين. وفي المقال الآخر تساءلت عن سبب محاربة البعض للإسلام والدين برغم ما قدمه الإسلام للعالم من مبادئ وأخلاق نشرت العدل والمساواة، وحفظت حقوق العباد.
ووجدت تعليقات لبعض السادة القراء تُنكر فضل الإسلام، وتتهمه بالرجعية، وأن البشرية لم تعرف من المسلمين سوى القتل والإرهاب.
فأردت – هنا – استعراض بعض إنجازات المسلمين والتي خدموا بها البشرية، لعل جاحداً يُنْصِف، وجاهلاً يعلم.
وأول ما أود الإشارة إليه هو أن الإسلام جاء بالسلام، وحرص على احترام أهل الديانات، بدءاً بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي ترك اليهود على دينهم عندما قدم المدينة، وعاهدهم وحقن دماءهم، ولم يخرجهم من المدينة إلا بعد أن خانوا العهود.
ومروراً بما فعله عمر بن الخطاب عند فتح بيت المقدس، ثم تبعه في حسن المعاملة صلاح الدين الأيوبي بعد تحريرها من الصليبيين، وتباعاً حسن المعاملة التي قدمها السلطان العثماني محمد الفاتح عندما فتح القسطنطينية وتأمين أهلها على دمائهم ودياناتهم.
وانظر إلى موقف أهل سمرقند، وكيف تمسكوا بالفاتحين من المسلمين بعد أن رأوا أخلاقهم وحسن تعاملهم، بعكس ما كان يعاملهم به أبناء دينهم.
وأما من حيث الإنجازات والخدمات التي قدمها المسلمون للبشرية، فيكفي أن تعلم بأن الكتب التي ألفها المسلمون في الطب والفلك والكيمياء والرياضيات ظلت تُدرّس في جامعات أوروبا لقرون عدة إلى أواخر القرن التاسع عشر ككتاب (القانون في الطب) لابن سيناء، و(الحاوي) للرازي.
لقد كان المسلمون أول من سنّ القوانين التي تنظم ممارسة علوم الطب، وقد أشار لها العالم «أبو القاسم الزهراوي»، وهو أول من اخترع خيوط الجراحة. والعالم «ابن النفيس» هو أول مكتشف للدورة الدموية الصغرى، وكان «ابن الهيثم» من أشهر علماء البصريات، وهو من أثبت أن العين تعكس الضوء الساقط عليها، بعد أن كان يُعتقد بأنها مصدر للضوء.
ومن علماء المسلمين المشهورين «أبو بكر الخوارزمي» الذي أسس علم الجبر والمقابلة.
وفي الرياضيات والهندسة فمن المعلوم بأن المسلمين هم من أسس علم الترقيم المعتمد، وهم من اخترعوا الجذر التربيعي والرقم العشري.
المسلمون لم يدخلوا بلاداً فتحوها إلا وحرصوا على إعمارها، وخدمة أهلها، والإبداع في تطويرها، وقصر الحمراء في الأندلس خير شاهد على الإبداع في الفن المعماري الإسلامي.
هذا غيض من فيض من بعض ما قدمه المسلمون للبشرية وخدموها فيها…
لكن أتمنى من بعض القراء ممن يتشدقون بالحضارة الغربية وتقدمها العلمي – ونحن نقر لهم بتقدمهم في العلوم المادية – أتمنى منهم أن يكونوا منصفين فيخبرونا عن الذي تسبب في مقتل 16 مليون نسمة في الحرب العالمية الأولى، وأكثر من 60 مليوناً في الحرب العالمية الثانية.
وأتمنى أن يُعْلِمونا عن الذي تسبب بمقتل أكثر من مليون إنسان في الحرب الفيتنامية.
وأنتظر منهم أن يحددوا لنا المسؤول عن تدمير أفغانستان، والعراق، والشيشان. وأرجو منهم أن ينبئونا عن الذي ما زال يدعم حصار أكثر من 1.5 مليون نفس بشرية في قطاع غزة.
أليس هم أرباب الحضارة الغربية، أليس هم ممن يدينون بديانة غير الإسلام؟
لذلك من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر.
سيظل الإسلام هو الدين الوحيد القادر على تحقيق العدل والمساواة بين الناس، وهو الدين الذي اختاره الله تعالى ليختم به الأديان والرسالات.
«ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين».
أضف تعليق