رغم علمه بأنه في آخر أيامه ومع أكبر آلامه وصراعه مع المرض، إلا أنه كتب بيتا من أجل الوطن وفي بطل من أبطاله الأوفياء والمخلصين, وهو المدافع عن بلاده بأفعاله التي تسبق كلماته.
كان يخفي أوجاعه ويتحامل على نفسه ويتحمل ما لا يُطاق، وإن سألوه: كيف حالك؟
قال: الحمد لله. حتى إصابته بالسرطان وصفها بالحميدة وهي ليست كذلك!
حتى وإن رحل جسد مساعد الرشيدي لن يرحل شِعره الذي ترك بصمته العظيمة، سيبقى مساعد حيًا بيننا حتى وإن مات، ثمة مِن أحبابه الذين لم يستوعبوا رحيله بعد، بسبب ما لاقوه من خصال نادرة الوجود لجودتها، سَبَّبت هذه المحبة.
هو فقيد الأدب لأنه جعل من الأدب أدبًا لنفسه حتى صنع إسمًا من ذهب لا يصدأ أبدًا، وستجدون قصائده في موقع أدب.
هو فقيد الفن الذي أحسن في اختيارات من يُغني له وعلى سبيل المثال محمد عبده، وبرهان على امتلاكه ذوقا رفيع المستوى.
هو فقيد الناس وأخلاقه التي كانت تشهد له بقوة في حضرة غيابه الأبدي والمؤلم.
عدد بلا عدّ من القصائد الوطنية التي كتبها مساعد الرشيدي, الوطن (أرضًا وناسًا) دعوا له ورثوه بكلمات لم تُوَّرث من قبل!
الملك سلمان بأبويته الحانية بعث رسالة تعزية لذويه, وهذه غير مستغربة وبلا ريب أنها خففت كثيرًا من الحزن العميق, كونه أب الجميع يشعر بأن المصاب جلل والفقيد لا يمكن فقده في الذاكرة.
الأمير متعب بن عبدالله, الإنسان الوفي والطيب والرحيم، هو الأب الروحي أو الأخ الأكبر لكل من يعملون في الحرس الوطني، في زيارته الأخيرة لأبا فيصل في المستشفى, رفعت من معنوياته وبثت السرور في نفسه وشعر بأنه قد هزم المرض ، لا أستطيع حصر ما قدمه لإبنه مساعد ولكن يكفي بأن أقول هذا ابن عبدالله عبدالعزيز.
أجمل في الحياة أن تُرزق بأصدقاء يُحسنون إليك في غيابك أكثر من حضورك.. وأسوء ما فيها أن يغادر الدنيا صديق يُحب أن يراه قلبك قبل أن تراه عينيك!
غازي العكشان وحديثه بحرقة شديدة, تبين مدى العلاقة التي تجمعه بأخيه وليس صديقه فحسب، كان ملازمًا له حتى في آخر أيامه، صداقة امتدت سنينًا من وفاء وتقدير وتضحيات وحب.
نايف صقر وذكريات تجمعه بمساعد، يفضِّل الدعاء له أكثر من ذكر الذكريات, لأنه أحوج ما يريده هو الدعاء الصادق.. والنقي كفؤاده.
فهد عافت ودموعه التي انسابت على خديه، ألمًا على رحيل مساعد الرشيدي، ووفائه بتسديد ديون صديقه، هذه الصداقة وإلا فلا!
فايز المالكي وردة أفعاله التي توضح حجم الصدمة، وعند زيارة منزل (سيف العشق) لواجب التعزية، بكى وكأن سَيفًا غُمد في صدره، حزنًا على رحيل جزء من حياته!
الذين سبقوا.. الذي لحقهم.. هم من أصدقاءه وهؤلاء الأصدقاء.
العربية وروتانا خليجية شكرًا لا تكفي على هذه التغطية لقامة شعرية، لا يمكن أن تستنسخ ولها لونها الخاص وطابعها الفريد.
حزين الشعر في رحيله والشعراء يعزون أنفسهم، على رحيل قامة وطنية وإنسانية في صناعة الوزن والقافية، ولكن لا للحزن لأن مساعد الرشيدي لا يحب الحزن ورحل وهو مُبتسمًا وملوحًا بيديه تلويحة الوداع, وكأنه يريد أن يرانا معه في جنان النعيم بإذن الله.
حسن الخاتمة:
كانوا الناس (جيل) وكان في الناس (جيل)
جاء لوحده ولكن راح كلٍ معاه
حسبي الله على موته ونعم الوكيل
ورحمة الله على مساعد ونعم الحياة
محمد علي العمري
فيصل خلف
أضف تعليق