آمرو الناس بالمعروف والناسون أنفسهم!
علي أحمد البغلي
وفاة المرحوم محمد الميموني جراء التعذيب على يد عناصر من المباحث الجنائية، أطاحت رؤوساً قيادية كبيرة، ونتمنى أن يعي ويعتبر شباب المباحث وعناصرها من هذه الحادثة، فالبعض في ذلك السلك امتهن طريق العنف أسلوباً أوحد لاستخلاص الاعترافات من المتهمين، الذين يعترف بعضهم للتخلص فقط من ذلك العذاب، وينكرون اعترافاتهم المنتزعة منهم بالإكراه أمام المحاكم، فينالوا حكم البراءة، وقد يكونون مرتكبين جرائم خطرة، ولكن الإكراه يبطل الاعتراف، الذي لم يعد «سيد الأدلة»، كما وجهنا عن ذلك الرسائل مراراً وتكراراً، الأمر الذي قررته أحكام القضاء، ولكن لا حياة لمن تنادي! استمر بعض عناصر المباحث في غيّهم، سادرين في انتزاع الاعترافات بالقوة من المتهمين. نتمنى أن تشكل قضية الميموني مرحلة انتقالية جديدة، تحترم فيها حقوق المواطن والمقيم في زنازين ومكاتب ضباط المباحث، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، فالحادث الذي هز البلد سياسياً واجتماعياً يجب أن نستخلص منه العبرة والاستفادة، وألا يمر مرور الكرام، لأن الشعوب الحية هي التي تتعلم من أخطائها.
***
الحادثة الأمنية التالية التي هزت المجتمع هي حادثة مشاجرة العقيد في القوات الخاصة شكري النجار مع إحدى السيدات، التي كانت ترافقه قبلها في سهرة خاصة على متن يخت خاص. العقيد ذو المنصب الرفيع الحساس لم يستفد من مركزه الرفيع، ولم تتم طمطمة القضية إلا بعد دفعه لمبلغ تعويض معتبر (10 آلاف دينار) للسيدة الطرف الآخر في القضية، وهو مبلغ كبير دفعه موظف ذو دخل محدود حتماً في درس لن ينساه ما حيي، وهو درس لكل قيادات وزارة الداخلية، وغيرهم من شخصيات قيادية أو شخصيات رسمية بارزة في الدولة أو المجتمع.. أن لا أحد فوق القانون بعد اليوم مهما كبر، ومهما انتمى إلى سند عائلي أو وظيفي أو قبلي أو طائفي كما نتمنى.. وهو درس موجه للجميع على أن يتعظوا ويعوا بمن فيهم أبرز الشخصيات – هذه الأيام – في مجتمعنا، المتمثلون في أعضاء مجلس أمتنا!
***
نعم، فمن يستبد في مواجهة حقوق الوطن والمواطنين، هم بعض أعضاء المجلس، الذين لا يردعهم رادع من ضمير أو قانون أو دستور، هؤلاء من ملأوا أسماعنا بالكلام عن الأخلاق والقانون، هم أكثر من يسيء إلى الأخلاق والقانون في أكثر من واقعة في السنوات الأخيرة، ألم يتوسط بعضهم، وحتى فترة قصيرة، للمتهمين في جرائم جلب المخدرات والاغتصابات؟! ألم يعتد. أحدهم على أحد كبار قياديي وزارة الداخلية (كامل العوضي) من دون أي إدانة منهم؟ ألم يكشف أحدهم الأسرار المصرفية لعملاء بنوك، مرتكباً جريمة إفشاء السر المصرفي مع مساندتهم له؟ ألم يشترك أكثر من واحد منهم في جريمة الانتخابات الفرعية ولم يوافقوا على رفع الحصانة عنه؟ ألم يتهم ويدان العشرات منهم في جرائم سب وقذف على مواطنين قياديين شرفاء؟ وأخيراً وليس آخراً، ألم يقبض عدد منهم الملايين من مصادر مالية مشبوهة، الأمر الذي يجعل الاتهام يحوم عليهم جميعاً؟!
لذلك نقول لمن حرض وصفق شامتاً على وقوع العقيد شكري النجار في قبضة القانون لقضية بسيطة، «لا تأمروا الناس بالمعروف وتنسوا أنفسكم»!
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
أضف تعليق