نقلت وكالة «رويترز» ملخصًا لمقابلة صحافية مع بشار الأسد، نشرت على موقع «ياهو» الإخباري، وأول رد فعل يتبادر للذهن بعد قراءة فحوى المقابلة هو: أين يعيش الأسد؟ في أي عالم؟ المؤكد أنه لا يعيش في عالمنا، ولا يطالع الأخبار نفسها التي نطالعها.
في المقابلة، يرفض الأسد مقترح الرئيس ترمب لإقامة مناطق آمنة للاجئين والنازحين قائلاً: «إنها ليست فكرة واقعية على الإطلاق… يمكن أن تكون هناك منطقة آمنة طبيعية وهي بلدنا. الناس ليسوا بحاجة إلى مناطق آمنة على الإطلاق»، مضيفًا أن «الأكثر قابلية للحياة والأكثر عملية والأقل تكلفة هو أن يكون هناك استقرار وليس إقامة مناطق آمنة»، ذاكرًا أن المناطق الآمنة ستكون معرضة لخطر هجمات من الجماعات المسلحة. كما يقول إن القوات الأميركية ستكون محل ترحيب بسوريا لقتال «داعش»، شريطة أن تنسق واشنطن مع دمشق، وتعترف بسيادة النظام الأسدي، مضيفًا: «إذا كان الأميركيون صادقين فإننا نرحب بهم بالطبع كأي بلد آخر يريد محاربة الإرهابيين وهزيمتهم. بالطبع نستطيع أن نقول هذا دون تردد». وقائلاً إن «القوات جزء من التعاون… (لكن) لا تستطيع التحدث عن إرسال قوات… إذا لم يكن لك موقف سياسي واضح ليس فقط حيال الإرهاب بل أيضًا حيال سيادة سوريا ووحدتها». إلى أن يقول الأسد إنه «في أي وقت لا يريدني الشعب السوري أن أكون في ذلك المنصب… سأغادر فورًا»!
حسنًا، عزيزي القارئ، ألم يراودك السؤال نفسه الآن، بأنه أين يعيش الأسد؟ يتحدث عن سوريا آمنة، وهو الذي بدأ باستخدام القوة ضد السوريين، وتسبب بمقتل قرابة نصف المليون، وهجر منهم ما يقارب ثمانية ملايين، وسبق لنظامه أن هدد بأنه إذا لم يستقر له الحكم فسيحرق المنطقة، والآن يقول إنه مستعد للرحيل إذا لم يرِده السوريون، وهو الذي استخدم الأسلحة الكيماوية ضدهم، وكذلك البراميل المتفجرة؟ نقول أين يعيش الأسد، لأنه منذ وصول ترمب للرئاسة والأسد يناقض نفسه، حيث يقول إن اختيار ترمب لمحاربة الإرهاب كأولوية يعد أمرًا واعدًا، بينما ترمب يقول إن إيران راعية الإرهاب بالمنطقة، وفي وقت يتحدث فيه الأسد عن ضرورة تنسيق إيراني أميركي روسي، ومع نظامه!
والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن الأسد يعلن رفضه المناطق الآمنة، بينما روسيا تقول ننتظر مزيدًا من التفاصيل من واشنطن. ويعلن الأسد عن موافقته لاستقبال قوات أميركية حال اعترفت واشنطن بسيادته، بينما أعلن الروس أن بإمكان الأميركيين التنسيق معهم في الحرب ضد الإرهاب بسوريا، كما أعلن الروس عن ضرورة عقد اجتماع جنيف تحت رعاية أممية، ويحدث ذلك مع تحركات الأتراك على الحدود السورية، ووسط الجهود الروسية للتوسط للإيرانيين أنفسهم مع ترمب! وعليه فإن السؤال هو: أين يعيش الأسد؟
الواضح أنه منفصل عن الواقع تمامًا.
أضف تعليق