قصة معروفة وددت إعادتها لكم على سبيل التذكير لا أكثر، ففي إحدى جولاته بالقطار بين المقاطعات الهندية، سقطت فردة حذاء الزعيم الهندي الراحل غاندي بينما كان القطار سائراً في طريقه، فما كان منه إلا أن خلع فردة حذائه الأخرى ورماها سريعاً من القطار!
وعندما سأله الوفد المرافق لهُ عن سبب إلقائه بالفردة الثانية، قال لهم، إنه عندما يجد فقير هندي فردة الحذاء لن يستفيد منها، لذلك رمى الفردة الثانية؛ حتى يجدها الفقير الهندي ويستخدمها بدلاً من أن يخسر الاثنان، غاندي والفقير!
بالطبع لو حصلت هذه الحادثة مع أحد من (اللي بالي بالك)، وسقطت فردة حذائه، فإنه من المؤكد سيأمر بإيقاف القطار على الفور، حتى لو أدى ذلك إلى تلف الكوابح، أو انقلاب القطار، أو حتى ضرب رؤوس جميع من بالمقطورات في الواجهات والأعمدة، فحذاء الـ (…….) أهم من الجميع طبعاً!
وسيُرسِل بالطبع جميع من في الرحلة من الحاشيه والمرافقين والمطبلجية واللي مالهم شغل أيضاً، للبحث عن الفردة الشاردة وإعادة تلميعها كذلك، وإذا ما تعذر إيجادها، فمن المؤكد أن العاقبة ستنزل بالجميع، ويُتهم كُل من في داخل القطار وخارجه، بالتآمر على الوطن، وخيانة الأمانة، والتقاعس عن أداء الواجب، باعتبار الحذاء رمزاً للوطن والوطنية.
مع فارق التشبيه طبعاً ما بين الهند والكويت، كان من الأحرى برب بيت الأمة الكويتي، أي الرئيس الخرافي، أن يُحكِم العقل، ويستحضر الحِكمة، ويُبادر بصفة الاستعجال، للتدخُل بإيجاد حل (سياسي)، بدلاً من انتظار الحل (الأمني) من قِبل الحكومة، لمعالجة الحادثة، وتهدئة حِدة الاحتقان والتصعيد السياسي لدى الشباب، كأن يقوم في صباح اليوم التالي، بإعلان الدعوة المفتوحة للشباب الكويتي؛ لِيحلوا ضيوفاً أعزاء في (بيت الأمه) ، بدلاً من إنتظار رد الفعل الحكومي، وتصريحات المصعدين من مرتزقة الرئيس، وقبيضة الرشاوي، وشبيحة الدستور، أو أن يعقد مؤتمراً صحافياً يشجب فيه الإستفزاز الأمني، والتهويل الإعلامي، من قبل الجهات والأجهزه الحكومية، وعلى قاعدة (درء المفاسد أولى من جلب المنافع) ، فـ قديماً قيل : (الهون أبرك ما يكون) ، وهؤلاء الشباب، أولاً وأخيراً هم أبناء الكويت الغيورين على مصلحة وطنهم، والمستميتين على صيانة دستوره، والدفاع عما كفله لهم من حقوق ومكتسبات.. ولو افترضنا جدلاً.. جدلاً جدلاً أن تصرفاتهم غير لائقه ولا مقبوله، وتعتبر من الأعمال المتنافية مع ديموقراطية بلادنا كما تصفها أنت وغيرك من النواب، فما هكذا (تورّد الإبل) يا سعادة الرئيس، وإلا… فأين شطحاتك الشهيرة على كل شاردة وواردة حول ضرورة (تحكيم العقل والمنطق)، كيف سمحت لنفسك يا حضرة الرئيس بالتأني لِيستعجل العجول، ولِيُسارِع العُميّريون، ولِتتسابق دواوين (الضفاع) برمي الشباب الكويتي بعبارات نابيه، ومسميات مقيته، وإتهامات باطله، وتشكيكات مزعومه بما ليس فيه؟ فعفواً يا سيد جاسم محمد الخرافي.. سكوتك عن الدفاع أو حتى محاولة الحياد في مسألة الانتقاص من القدر والتحطيط من الشأن والتشكيك بالولاء تجاه شباب بلدك، والذين أنت ممثلاً لهم، قبل كونك رئيساً لبرلمانهم، بالـ (الغُزاة) و (الشبيحة) و (البربر) و (الهمج) و (خفافيش الظلام) و و و و .. يُفسر بتأييدك المُطلق لتجريد الكرامة من شباب وطن قدرُه أن تكون رئيساً لبرلمانه!
فشباب الكويت اليوم لا يطالبونك أن تكون مثل (غاندي) فهذا مستحيل، ولكنهم يطلبون منك التحلي بأقل قدر ممكن من المسؤولية تجاه كرامتهم بدلاً من تفضيل المصالح الشخصية – حتى لو كانت بفردة حذاء- على مصلحة الوطن.
*********
آخر العنقود:
• السيد الرئيس، أكبيرةٌ هي (دعوة عامة) لشباب الوطن لحضور فعاليات مجلس أمتِهِم، أو عقد جلسة استثنائيه وبحضور هؤلاء الشباب أيضاً؛ لتصفية النفوس وتصحيح الأخطاء إن وُجِدت، مُقارنةً بالإقدام من قبل سعادتكم بإرسال (دعوة خاصة) لِرويبضة الوطن؟
• بالمناسبة، يقول العظيم (غاندي) لِكل من يتخذ الإصرار وسيلةً للوصول إلى أهدافه: (في البدايه يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر.. ثم يأتون إليك صاغرين)!
المهاتما: لقب للزعيم غاندي
العجول: النواب القبيضة
faisalbnomer@
أضف تعليق