على أثر زيارة الرئيس الإيراني لكل من سلطنة عمان والكويت يقول نائب مدير مكتب الرئيس حسن روحاني إن مبادرته الإقليمية «لقبول دعوة زعيمي عمان والكويت هي مؤشر على الحاجة إلى إقامة صداقات إسلامية، واستعادة العلاقات الإقليمية»، مضيفًا أن هذه المبادرة «فرصة يتعين على أصدقائنا في المنطقة أن يستغلوها لأنها لن تتكرر. استغلوا الفرصة الطيبة»!
هل فعلاً هي «فرصة طيبة»، وعلى دول الخليج أن تستغلها «لأنها لن تتكرر»، وكما يقول نائب مدير مكتب روحاني؟ الحقيقة أنها ليست فرصة لن تتكرر، وليست بالضرورة فرصة طيبة، ولو زار روحاني حتى السعودية، وليس عمان والكويت. وكما كتبنا، وكتب غيرنا، فإن هذه ليست الحيلة الأولى للنظام الإيراني، أي التقرب لدول الخليج؛ وذلك تفاديا للصدام مع الغرب، وعلى رأسه أميركا. فعلها من قبل هاشمي رفسنجاني، ومحمد خاتمي، وفعلها أحمدي نجاد، في مراحل مختلفة، ولم يتغير شيء، ويكفي أن ننظر للخريطة من حولنا لرؤية حجم الخراب الذي تسببت فيه طهران، من العراق إلى اليمن، ومن لبنان إلى سوريا، وكله بسبب التدخلات الإيرانية، ناهيك عما حدث ويحدث في البحرين، التي يقول حسن نصر الله إنها تحت الاحتلال! وكذلك التدخل الإيراني في بعض الدول الخليجية، وبما فيها الكويت نفسها. وعليه، فلماذا علينا أن نصدق إيران الآن؟ ولماذا يجب أن نصدق أنها فرصة طيبة، و«لن تتكرر»؟
الحقيقة، أنه من العبث تصديق إيران بناءً على تصريحات، أو زيارات؛ فتاريخ المنطقة يقول إن الطريق الصحيح لتصويب العلاقات بين إيران ودول الخليج يبدأ بالأفعال، ومن إيران نفسها، وليس الشعارات. ولأن البعض يتناسى؛ فلا بد من التذكير هنا بأن الرئيس روحاني، نفسه، هو من اعتذر عن عدم تلبية دعوة الحج التي قدمتها له السعودية عام 2013، وهي الدعوة التي دار حولها لغط كبير، لكنها بثت عبر وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، وقالت الوكالة حينها «إن روحاني لم يعلن عن قراره النهائي حول الاستجابة لدعوة الملك السعودي للمشاركة في مراسم الحج»، مضيفة أن روحاني سيتخذ القرار النهائي بعد ختام زيارته نيويورك للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقتها قرر روحاني ألا يلبي دعوة الحج، التي أعلنت عنها إيران نفسها؛ وذلك بسبب انشغاله بشهر العسل الأميركي فترة الرئيس السابق أوباما، واليوم نجد روحاني يحاول أن يطوف في الخليج خشية من مرحلة ترمب، والأدهى أن يقال لدول الخليج، وعبر تغريدة لنائب مدير مكتب الرئيس الإيراني، بأن زيارة روحاني إلى عمان والكويت فرصة «لن تتكرر»، وعلى المنطقة استغلال «الفرصة الطيبة»!
والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن الرئيس روحاني يقول إن «العلاقات الطيبة مع الجيران وأمن الخليج» هي ركيزة سياسات إيران، والسؤال هنا هو: لماذا لم يعمل روحاني على هذه «الركيزة» إلا الآن؟ ولماذا يزور الخليج الآن، وليس منذ 2013؟ الإجابة معروفة بالطبع، وهي القلق الإيراني من ترمب. ولذا؛ يصعب تصديق طهران، والأولى عند التعامل معها أن نعمد إلى الأفعال، لا التصريحات.
روحاني
شده الحنين؛ أعادوه بخفي حنين.