أقلامهم

سلّم على “الإخوان”

لعل هذه الجملة الشهيرة «سلّم على الإخوان» التي جاءت على لسان الفنان الكبير سعد الفرج في مسرحية «حامي الديار» تحمل بُعداً رمزيا له انعكاساته السياسية والسلوكية والاجتماعية، ومنذ تلك الأيام ونحن نشاهد هجوما على «الإخوان المسلمين» كتيار إسلامي سياسي، وهذا حق متاح للجميع، ولكن السؤال الأهم، لماذا يهاجم «الإخوان» بهذه الضراوة وهذه الحدة وهذا الحجم الكبير؟ ولماذا الشريحة التي تحاربهم في ازدياد مستمر؟

من وجهة نظر بسيطة انَّ التنظيم وهو ينتشر في مشارق الأرض ومغاربها، كان يطرح نفسه كنظام مخلص من الاستبداد الغربي والأنظمة التي ترعى الظلم، ويطرح نفسه كنظام يحمل عدالة الخلافة الإسلامية، ولا خلاف في ذلك، فكلٌ له أهدافه وكلٌ له طموحاته وهذا ما تفعله كل التيارات في فرض رأيها ومنهجها كمنهج أفضل لإدارة البلد، لكنَّ الإشكالية الكبرى التي تواجه الإخوان خصوصا في الكويت تتكون من مشكلات عدة، الأولى: مشكلة الهوية التي لا يستطيع أي إنسان أن يحددها فتحتار في تحديد من هو المنتمي فعلا للإخوان ومن هو «الحبيب»، أو كما يطلق عليه «من ربعنا»، فها نحن بعد أكثر من تسعين سنة على إنشاء الجماعة لا نستطيع أن نميز مؤيديها من غيرهم ولعل السبب في ذلك الصورة الشوهاء التي رسمها الإعلام عنهم، فالكل يريد القرب والبعد في الوقت نفسه.

المشكلة الثانية: تثبيت أطناب الجماعة من خلال المتاح من الفرص لا عن طريق الالتزام بأسسها ومبادئها وهذا يظهر جليا في المناطق التي يسيطرون عليها، ففي الجامعة مثلا نجد أن الفرعيات بين قبائل الجامعة هي من تشكل صورة النجاح في الجامعة ومنها يسيطرون على قطب كبير من أقطاب قطاع التعليم العالي، ولعل هذا ما جعلهم يسيطرون ولو شكليا على أماكن عدة لسنوات طوال لأنَّهم وبكل بساطة نافسوا بالطرق التي يقتضيها الواقع لا التي يقتضيها المبدأ، وقد يكون هذا الأمر واقعيا لكنه جرَّ عليهم صفة «الميكافيلية» في تعاطيهم السياسي مع الواقع.

المشكلة الثالثة: أنهم لا يملكون جهازاً إعلامياً يطرح فكرهم وتوجهاتهم بصورة واضحة، ما جعل كل حكم عليهم يكون من فمهم في عقر دار أعدائهم، وهذا ما شَكَّلَ لهم أرشيفا ضخما من الأخطاء والمتصيدين في الماء العكر، وحتى الناشط منهم على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعد مؤثرا مثل ما يقابلهم من مؤيدين ومناصرين للتوجهات الأخرى.

المشكلة الرابعة والأخيرة: أنَّ القطاع التربوي إلى الآن يعتمد على الانعزالية، والانغلاق في مجتمع يظنون أنه المدينة الفاضلة، والانفصال عن الواقع في ظل عصر الانفتاح وثورة المعلومات، نجد أنَّهم إلى الآن يديرون هذا القطاع إدارة الزمن القديم شأنهم شأن كل التيارات الإسلامية المشابهة لهم.

وهذا كله سيجعل منهم مع الأيام تنظيماً يتقهقر شيئاً فشيئاً، في ظل تقدم التحركات السياسية وممارساتها التي تطورت وتحسنت في شكل سريع، ما جعل منهم محركا أساسيا في الحركة السياسية، وهذا ليس دفاعا أو تحفيزا لهم ولكنَّ استفزني مشهد الفنان الكبير سعد الفرج، فكانت هذه المقالة تجسيدا لما أعرفه عنهم.

خارج النص:

فوضى مديري مكاتب الوكلاء المساعدين حدثت معي عندما كنت أراجع احدى الوزارات، فأردت تقديم ورقة لمكتب وكيل مساعد ما، فقال لي مدير المكتب وهو يدخن غير آبهٍ بكل القوانين والأخلاق: كتابك ما يمشي وإذا في أحد مسويه أنا أرقيك! لقد ظنَّ بقفزه سلم الترقيات وجلوسه على مكتب مدير مكتب وكيل مساعد أنه ملك الدنيا وما فيها، وأنه مثلما قفز على زملائها لبضع سنوات سيكون قادرا على أي شيء! فنتمنى من الحكومة السيطرة على هذه الكائنات والحد من تكاثرها.

تعليق واحد

  • موضوعك حساس اخ محمد و بعض الجزئيات موفقة .. خصوصا الآلة الإعلامية وبعض الانعزالية
    فعلا كثر الكلام .. لكن بالمقابل لديهم مساهمات مجتمعية رائدة خصوصا العمل الخيري الاحترافي .. والتجارب الدعوية
    أعتقد أن جمعية الإصلاح الآن تعيد ترتيب أوراقها بشكل إيجابي .. الهجمة عليهم كانت قاسية و التخوين بجهود عربية وليست فقط محلية..
    الله يعينهم ..
    عشت معاهم فترة من حياتي ليست قلبلة وقد تكون شهادتي مجروحة لكن هذي شهادتي
    شكرا

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.