لم يكن تراجع الحكومة في أقل من سنة عن موقفها من تحديد سن الحدث، تارة 16 عاما ومرة أخرى 18 عاما، في مشروعين حكوميين لها في المجلس الحالي والمجلس السابق سوى تأكيد عملي على غياب الرؤية التشريعية المستدامة للحكومة.
فبجانب عدة ملاحظات حول الأداء التشريعي للحكومة تجاه المشاريع بقوانين التي تقدمها للمجلس، لكن غياب الاستراتيجية التشريعية هو بمثابة العامل الأبرز في أجندة الحكومة التشريعية التي ترسلها للمجلس أولا بأول.وخير مثال على هذا الغياب، ما حدث مع قانون البصمة الوراثية ومن قبله الحبس الاحتياطي.
المتابع لدورة القوانين في المجلس يدرك أن الحكومة لديها شح تشريعي، وبجانب هذا الشح لديها مشاريع بقوانين وقتية تستخدمها عند الحاجة فقط، وبجانب ذلك فقد أهملت الحكومة الكثير من التشريعات التي أقرت وكانت الحكومة طرفا فيها بالموافقة، سواء بعدم النشر في الجريدة الرسمية أو بعدم اصدار اللائحة التنفيذية أو “بِركن” القانون وعدم تنفيذه.
عدم تنفيذ القانون ينسلخ على حالات كثيرة أشهرها ما حدث مع قانون انشاء جامعة جابر الشهير الذي أقر في 2012، وهدف إلى فصل التدريب عن التطبيق وأتاح للحكومة خلال ثلاث سنوات بانشاء جامعة حكومية مستقلة علميا وإداريا وماليا باسم جامعة جابر الأحمد، تضم بعض الكليات العملية لانهاء مشاكل التعليم التطبيقي التي جاء في تأكيدات حكومية ونيابية أن سببها عدم فصل التدريب عن التطبيق.
الأمر نفسه تكرر مع قوانين كثيرة أخرى، كما حصل في خصخصة المحطات الكهربائية وهو قانون حكومي مائة في المائة صدر منذ أكثر من خمس سنوات، وما زالت الحكومة ترسل التعديلات عليه بين الحين والآخر، بجانب بعض القوانين الأخرى التي نشرتها الحكومة في الجريدة الرسمية مؤخرا ولم تنفذها، مثل قانون هيئة مكافحة الفساد الذي قدمته الحكومة وقال عنه وزير العدل في الجلسة الأخيرة أن فيه ثغرات دستورية.
وقد لخص رئيس اللجنة الأولويات ذلك بقوله عقب أحد الاجتماعات، أن هناك ١٥ لائحة تنفيذية لم تصدر من الحكومة، وكان ذلك سببا في استدعاء اللجنة لست جهات حكومية، وتعهد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بسرعة اقرار اللائحة التنفيذية للديوان الوطني لحقوق الانسان،وتحويل الخطوط الجوية الكويتية إلى شركة مساهمة، بجانب تعهدات حكومية باعداد اللائحة التنفيذية لحقوق المؤلف وقانون حماية البيئة وكذلك قانون الرفق بالحيوان وقانون مزاولة المهن الطبية،وغيرها الكثير.
يأتي هذا بجانب بعض المشاريع بقوانين التي تتقدم بها الحكومة عن طريق بعض النواب لكي ترفع الحرج عنها وقد وضح ذلك في قوانين عدة أقرها المجلس الماضي.
عندما رفعت القوى السياسية مطالب تحث على ضرورة تغيير النهج الحكومي، أبان فترة الحراك، لم يتوصل أحد إلى أن السبب في النهج الحالي يتمثل في سياسة الحكومة في موضوع التشريع، وعلى من يسعى إلى تغيير مسلك الحكومة أن يطالب بتغيير النهج التشريعي الذي تتعامل به الحكومة منذ سنوات مع المجالس المتعاقبة.
أضف تعليق