يدعي مناضلو نقاء الهوية الكويتية أنهم يرفضون تعديل قانون الجنسية، لأن مثل تلك التعديلات تعني تكريس الوضع القانوني للمزورين، أي الذين حصلوا على جنسياتهم بإبداء بيانات كاذبة وعلى غير مقتضى الحقيقة، ويضيف دعاة القومية الكويتية في بيان أسس “عقلانية” رفضهم أنهم لا يقبلون المساس بـ “وحدتنا الوطنية” “وتعريض الهوية الكويتية للتمزيق”!
حديثهم عن الوحدة الوطنية هو بصقة في عين الوحدة، ثم رميها بسلال قمامتهم، وكلامهم عن الهوية الوطنية لا يعني غير الحديث عن امتيازات معنوية وجاهية، يفترض حسب ثقافة الأنا المتعالية أنها قاصرة عليهم وحدهم أبناء داخل السور، الذين لهم تقاليدهم وأعرافهم العتيقة قبل أن تفتح عليهم الحكومات المتعاقبة “السلطة” صنابير التجنيس في فترات تاريخية متعاقبة، وعلى ذلك نجدهم يستنجدون بالسلطة ذاتها، التي “جنست” أبناء القبائل وأهل البادية بالماضي، لتنقذهم الآن للحفاظ على ثقافتهم السامية، ويتمسحون بها ويتملقون أشخاصها بشكل فج وساذج وسطحي مثير للغثيان.
هم يؤمنون بأن الجنسية ليست شهادة إثبات تؤكد الانتماء للوطن الدولة كما يفترض، وإنما هي الآن مجرد “هدية تكرمت” بها السلطة على “الطارئين”، ومتى تناسى الطارئون أوضاعهم المؤقتة أي نسوا أن يبلعوا “العافية”، وتكلموا وعبروا عن آرائهم بالنقد السياسي، أي بالكلام فقط حسب المبادئ الدستورية دون النصوص القانونية، مثل بعض مواد قانون الجزاء والإعلام التي تضرب عرض الحائط بهذا الدستور، وجب عندها استرداد هدية ونعمة الجنسية، كي يعود دعاة نقاء الهوية إلى أحلام اليقظة، ويرجع الماضي الجميل – كما يريدون تصويره – كما كان.
أجزم بأن دعاة الشوفينية (التعصب والتعالي) لا يدركون ولا يعرفون مثل “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”، ويتصورون وهماً أن مراكزهم في الجنسية فوق الشبهات، ولا يمكن المساس بها، فهم فوق الريبة، ولا يمكن أن يكونوا يوماً ما موضع عقوبة إلغاء الجنسية التي أضحى سحبها وإسقاطها كإلغاء تذاكر حفلة سوق خيري، ما هو الضمان ألا يكون مصيرهم مثل مصير الثور الأبيض، لا شيء، ضمانهم الوحيد هو وهم بوهم وخيال مريض، هم نسوا التاريخ القريب والبعيد للدولة التي لم تتطور مؤسساتها كما يجب، ويتعمدون وهم يمارسون تملقهم للسلطة أنه بغياب مؤسسات القانون الراسخة التي تضمن الحيدة والعدالة وتتعالى عن الحالات الفردية، ومن يكون هذا أو ذاك، ولأي جماعة ينتمي اجتماعياً، لا يوجد ضمان لأي مواطن أن يصبح بين ليلة وضحاها غير مواطن ولاجئ في وطنه.
على جماعات “براهما” الكويتية، وهم الجماعة المتميزة في نظام “كاست” الطبقي في الهند، أن يعيدوا قراءتهم لتاريخ هذا الوطن، وأن يتذكروا دائماً عبرة “الثور الأبيض” عندما نسي نفسه وسكت عن أكل رفيقه، وأنهم بدعاواهم المتعالية المتغطرسة إنما يضربون الوحدة الوطنية ويطعنونها في خاصرتها، وأن ما يطرح الآن ليس حماية المزورين وتعديل قانون الجنسية، كما يروج المتملقون، فالمستقر عليه عند اللجنة التشريعية هو مجرد فتح باب الشكوى للقضاء في حالة إلغاء الجنسية، ولا توجد دولة قانون محترمة تحرم أفرادها حق اللجوء إلى القضاء في أخطر قرارات للسلطة كسحب الجنسية… اتعظوا قليلاً.
أضف تعليق