أقلامهم

الجنسيات.. والحقوق المسحوبة!

داية لا نملك إلا أن نشارك العوائل الكويتية التي استرجعت جنسياتها الفرحة، أولاً من باب عودة الحق إلى أصحابه وثانياً لما تمثله هذه الوثيقة من أهمية قصوى في حياة الإنسان الذي يعش على هذه الأرض، ولعل هذه الأسر استشعرت خلال السنوات القليلة الماضة معاني الضيم والألم، وهو الشعور ذاته الذي ما زال الكثير من العوائل التي سحبت جنسياتها أو من حرمت منها من المستحقين «البدون»، ونتأمل أن تنجح الجهود والمساعي المخلصة والمبادرات التشريعية في إنهاء هذه المعاناة لآلاف الأسر المحرومة في القريب العاجل.

لا يساورنا أدنى شك في أن باكورة استرجاع الجنسية لبعض أصحابها هي ثمرة صفقة سياسية بين نواب ما يعرفون سابقاً بالمعارضة والحكومة، ولعل الثمن السياسي كان جلياً لهذا الترتيب خلال المواقف النيابية منذ انتخابات المجلس الحالي، ورغم البعد الإنساني الكبير والجانب العاطفي المهم في هذه الصفقة فإن نتيجتها السياسية تعتبر مخزية سياسياً لكل الأطراف التي أبرمتها.

عودة الجنسية لأصحابها وخصوصا عائلة «البرغش» الكريمة وبالكيفية ذاتها والدرجة نفسها التي تم سحبها، وهي الدرجة الأولى أو التأسيس، هي إدانة صريحة للقرار الظالم الذي تسبب في إلحاق أضرار مادية ونفسية وتشويه السمعة لأصحابها على مدى عدة سنوات، ولذلك فإن قرار عودة الجنسية يوجب محاسبة المتسببين في هذا الإجحاف، وهنا تكمن المسؤولية الشرعية والسياسية والأخلاقية لأعضاء مجلس الأمة في محاسبة الجهات والأشخاص الذين ارتكبوا مثل هذه المخالفة الجسيمة، كما تسرى أحكام ونتائج عودة الجنسية المسحوبة على حالات أخرى، سواء شملتهم لجنة التظلمات أم لم تشملهم، والمنطق هنا يصدح بأن قرار سحب الجناسي أو التهديد به لا يتعدى كونه أداة ابتزاز سياسي أو «تخروعة» لا تملك أوراق المتاجرة فيها سوى الحكومة.

من ناحية أخرى يجب أن يستفيق نواب الصفقة أنفسهم بعد هذه الصدمة من سباتهم وتنازلاتهم وألا يتمادوا في المزيد من الانبطاح السياسي، ويتحولوا إلى صم وبكم وعمي عن كل التجاوزات والجرائم والمخالفات، وخصوصا تلك التي أثاروها أنفسهم سابقاً، وأن تكون «البيعة» السياسية مقابل مجموعة من الجناسي طوقاً أبدياً في أعناقهم أو على الأقل لما تبقى من عمر الفصل التشريعي الذي لم يتجاوز ما مضى منه سوى أشهر قليلة.

إذا كانت عودة الجنسية المسحوبة ظلماً قضية مستحقة، الأمر الذي لا نشكك فيه إطلاقاً، فمن الأولى استرجاع الحقوق الدستورية والواجبات الوطنية المسحوبة منذ عقود طويلة، وفي مقدمتها المواد الدستورية المسحوبة فيما يخص العدالة والمساواة والمواد الدستورية المسلوبة فيما يتعلق بحرمة المال العام، والقوانين المعطلة والمسحوبة بشأن محاسبة اللصوص والمتطاولين على ثروات البلد، وكذلك الحريات المسحوبة في قضايا الرأي ومن سلبت حرياتهم ليصبحوا خلف قضبان السجون لكلمة أو موقف سياسي، فهل تستفيق ضمائر أصحاب الصفقات ليبرموا صفقة شريفة مع الشعب الكويتي دفاعاً عن حقوقهم ومكتسباتهم المسحوبة، أو أنهم تحولوا إلى مناديب جدد ليزيدوا أعداد فداوية الحكومة؟!

الوسوم

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.