في الوقت الذي اصبحت اليوم فيه الدول ذات الديمقراطيات الحديثة والمتحضرة تعلي من شأن أصحاب الكلمة والرأي ، وتستمتع لهم وتنصت لتعرف تشخيص واقعها، وتلك الدول لم تكتف بذلك بل تجاوزت وضع الاحترام لهم ووصلت إلى وضع قوانين تكون بمثابة حماية وحصانة لتلك الأقلام الحرة ، إلا أن الآية اصبحت معكوسة لدينا في الكويت، ولعل الأخ العزيز والزميل المفخرة سعود عبدالعزيز العصفور يمثل قصة لهذا الواقع المؤسف ، قصة ستلاحق ضمائرنا ، فبوجود سعود صاحب القلم الحر محتجز خلف القضبان، بسبب رأيه ، سنظل جميعا كقوى مدنية وسياسية نشعر بالذنب .
لن نتحدث اليوم عن سعود العصفور الإنسان، فذلك أمر لن نوفيه حقه مهما تحدثنا فيه وسطرنا ، بل سنتحدث عن سعود العصفور الاعلامي والصحافي والناشط السياسي الذي لا يخشى في الحق لومة لائم ، سعود كانت له صولات وجولات في الدفاع عن المظلومين في داخل وخارج الوطن، سعود سخّر قلمه على الدوام للدفاع عن كل صاحب رأي وقضية بغض النظر عن مذهبه او طائفته او قبيلته او عائلته، سعود تفرد وتميز من خلال قلمه وكلماته ومواقفه التي اوجعت أهل الفساد والمفسدين، وتبقى الحقيقة الساطعة ان سعود وإن كانت حريته مقيدة ، إلا ان كلماته وأراؤه وأفكاره ومواقفه لاتزال حرة تطير في السماء وتسبح ، وهي عصية على التقييد أوالتطويع ..
سعود العصفور يمثل اليوم حالة متفردة في الابداع ، فالرجل وقبل أن يبحر في مجال الاعلام ويتفوق فيه ، فهو مواطن ووطني حتى النخاع أحب بلاده ليس من خلال الشعارات، بل ترجم ذلك واقعاً عملياً ملموساً من خلال عمله في بحر الشبكة العنكبوتية، وتأسيسه لعدة مواقع، أولها خلال دراسته في الخارج وبعدها دوره في تأسيس الشبكة الكويتية الوطنية التي خلقت حوارا ثريا حول مختلف القضايا باطار واسع من الحرية، وكانت منارة يشار لها بالبنان للحديث عن مواطن الخلل والفساد في الوقت التي كانت الصحف التقليدية تمتنع عن نشر اخبار الفاسدين، استمر بعدها بتجربة تأسيس جريدة ‘ سبر ‘ مع رفيق دربه الزميل محمد الوشيحي، وواصل ذلك في عمله التلفزيوني عبر برنامج توك شوك من خلال قناة اليوم قبل إغلاقها لاحقا، هذا عدا الكتابة الصحافية في أكثر من صحيفة ، محطات مهمة شكلّت مسيرة هذا القلم الحر، وكشفت عن عشقه للحقيقة بدون أي تزييف، ولعلني هنا أجد لزاماً علي الكشف عن أن هذا الصديق النبيل ، واثناء تجربته في الشبكة الوطنية ومع بدايات تأسيسنا جريدة ‘ الآن ‘ الألكترونية في عام 2007 كان فيها مستشارا مخلصا يقدم النصح الفني بكل تفاني ، ويعطي الرأي الموضوعي بكل تجرد بعيدا عن اية اعتبارات شخصية ، فكان نعم الأخ والصديق والزميل .
واليوم، سيبقى سعود العصفور هو هو ، ذات الرجل النبيل المدافع بشراسة عن المبادئ العامة، وهي خصلة قلما نجدها اليوم في الاعلاميين للأسف الشديد ، ولكن سعود تفرد بها، وإن كان اليوم محبي سعود العصفور حزينون لوجوده خلف القضبان، إلا أن الأكيد ان سعود قد أعد العدة لهذا اليوم ليدفع ثمن عدم سكوته عن ابداء الرأي الحر والصادق ، ويدفع ثمن دفاعه عن الحريات وعن كل صاحب حق مسلوب ، وتسخير قلمه بوجه كل فاسد، وهذا ديدن ابوعبدالعزيز وسيبقى كذلك مادام قلبه ينبض بالحياة ..
مبارك عليك الشهر بوعبدالعزيز
ورب العالمين سيهونها باذنه تعالى
زايد الزيد
الولايات المتحدة الأمريكية ، أوهايو ، كليفلاند ، كليفلاند كلينك ، السبت في ٢٧ مايو ٢٠١٧
أضف تعليق