كتاب سبر

( مكان قضاء الحاجة )

طاهر أفندي، رجل غريب الأطوار، له أشقاء لم يكن معهم على علاقة حسنة، فهو لا يجالس إلا من هم يشاركونه نفس الصفات الغريبة، وكان يملك منزلًا جميلاً، يمتاز بموقعه وحديقة مليئة بالأشجار والزهور، بعكس إخوته.. جميعًا، الذين لا يملكون سوى الأمل بموت شقيقهم طاهر أفندي  ليرثوه،  وبالفعل جاءهم رسول ليخبرهم بوفاته محروقاً أثناء تواجده داخل القطار، الذي اصطدم بقطار آخر، وبعد انتهاء مراسم العزاء الذي أقاموه لطاهر أفندي  ظهر لهم مثل القط، وبصحة جيدة، يا رجل، ألم تحترق في القطار؟؟! لا، فقد نزلت منه قبل ذلك بفضل عناية الله، ولا يزال  طاهر أفندي على هذه الحال، كلما جاء خبر موته ظهر من جديد، لم يحتمل أخوته هذه الألغاز، فانتحر الأول، والثاني دخل مستشفى المجانين بعد أن فقد عقله، و آخر مات من إدمانه على الخمور رغم أنه مشهود له بحسن الخلق ..!
وقبل أن يموت طاهر أفندي كتب كل ما يملك لأخيه ماهر الوحيد، الذي لحسن أو لسوء حظه..!! لا يزال على قيد الحياة، وبعدها رحل طاهر اللعين فعلاً.
لم تستمر فرحة ماهر طويلاً، ثم بدأت مفاجآت طاهر أفندي تطارده حتى بعد موته، فأينما ذهب لاحقوه بعض من لديهم ديون على طاهر وقد كتب لهم فيها ” صكً ” مكتوب بداخله  ” الدين الذي علي لمن يرث البيت بعدي.! ”  لم يستطع ماهر التعيس أن يسدد تلك الديون، التي تجاوزت قيمة البيت؛ لذلك تنازل عنه؛ لينجو بنفسه من شبح طاهر أفندي.
ثم جلس ماهر بعد أن احتسى زجاجات لا تحصى من ” العرق ” يفكر بالانتقام من شقيقه  طاهر وهوة ميت، وتوصل لخطة شيطانية، وجاء بلوحة كتب عليها (( مكان لقضاء  الحاجة )) ثم وضعها على قبر طاهر أفندي ليتحول قبره لحمام عمومي. ( انتهى )
لأن التاريخ دائماً يعيد نفسه، ولأن حياة المجتمعات الإنسانية متشابهة أحياناً، فقد تكررت قصة طاهر أفندي و ألغازه مع اختلاف الزمان والمكان.   
كان منصب رئيس الحكومة مجرد محطة انتظار مليئة بالورود والطمأنينة بالنسبة لأفراد الأسرة الحاكمة من ذرية مبارك، لحين الانتقال إلى المنصب الأكبر الذي يليه ” ولاية العهد ”  حتى جاء الشيخ ناصر المحمد ( أفندي..! )  الذي حول هذه المحطة المليئة بالورود إلى حقل مليء بالألغام  في كل مكان وفي أي اتجاه و اختبار ليمكن اجتيازه، وهو الرئيس الوحيد، الذي ترك هذا المنصب دون أن ينتقل لولاية العهد على غرار سابقيه جميعهم، وبسبب تخبطه وسوء إدارته، التي اتسمت  بالفساد والأزمات، كان يرحل مع كل أزمة تلم بحكومته، ثم يظهر من جديد بفضل عناية الله، ومن الطبيعي بأن كل عودة للشيخ ناصر من بعد مصيبة تكون سبب في تعاسة أحد أشقائه الوزراء واختفائهم من المسرح السياسي، إما مستقيلاً أو مسحولاً باستجواب..! أو هارباً إلى مكان غير معلوم ولا يزال جاري البحث عنه.
 وقبل أن يرحل ناصر أفندي أخيراً، كتب منصبه لشقيقه الوحيد، الذي لا يزال على قيد الحياة السياسية سمو الرئيس الحالي الشيخ جابر المبارك؛ ليرث كل الديون المستحقة عليه وكل الملفات وقضايا فساد حصيلة سبع حكومات متتالية معروفة، ولا يتسع المجال لحصرها في هذه المقالة، إضافةً لذلك قد ورث له شارع يغلي على الفساد وناخب يرفع شعر من دخل بيت المعارضة فهوة ناجح..! و لا يقبل إلا بمرشح له أنياب ومخالب، وعلى ذلك فليتنافس المتنافسون.
وإلى أن نبقى ننتظر ما تخفيه الأيام القادمة، يبقى السؤال القائم، الذي يبحث عن أجابة؛ هل يستطيع سمو الشيخ جابر المبارك أن يتكفل بتسديد كل تلك الديون الثقيلة..؟؟ وهذا ما نتمناه، أم سيقوم بتسليم ما ورثه عن شقيقه الشيخ ناصر
( أفندي ) لأصحاب الشأن، ويكتفي بوضع لوحة على كرسي الرئاسة مكتوب بداخلها ( مكان …………؟ ) بدافع الانتقام من شقيقه؟؟
* لمن سأل عن الجملة المفقودة بين الأقواس أعلاه..! نعم بالضبط عزيزي القارئ ما تفكر فيه هو ما أقصده.

بدر فرحان
twitter : @baderfarhan1

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.