مدينة بروكسيل هي عاصمة بلجيكا، لكنها أيضاً عاصمة الاتحاد الأوروبي حيث تتواجد فيها أهم المؤسسات الاتحادية، ناهيك عن احتضانها لأبرز الاجتماعات والمؤتمرات التي يكون الاتحاد الأوروبي مشاركاً فيها. طبعاً من دون أن ننسى وجود دوائر منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) فيها… لكن هذا حديث آخر.
ولأن بروكسيل تتمتع أيضاً بجاذبية خاصة، إضافة إلى ما تقدم أعلاه، فهي تستقبل ملايين السياح سنوياً. يساعدها في ذلك موقعها في وسط أوروبا وشبكة قطارات منتظمة تربطها مع الدول الأوروبية الأخرى، خصوصاً فرنسا وألمانيا وبريطانيا. كما أن شبكة الطرقات السريعة تساهم في جعلها مقصداً سياحياً ولو لأيام قليلة في كل مرّة.
ومع ذلك فإن الشهرة السياحية لا تقتصر على بروكسيل فقط، بل تنافسها في هذا المجال مدينة بروج التي تعتبر أكبر مدن مقاطعة فلاندر، وتقع إلى الشمال الغربي من بلجيكا، ويقطنها أكثر من مئة ألف نسمة. وقد صُنف مركز المدينة التاريخي من مواقع التراث العالمي التي ترعاها منظمة اليونيسكو.
يطلق بعض الناس على بروج لقب «فينيسيا الشمال» نظراً إلى شبكة القنوات الواسعة التي تخترق أوصال المدينة، وتقوم على ضفافها الأبنية التاريخية ذات الهندسة المعمارية المميزة، وبعضها يعود إلى القرون الوسطى. وتنتشر على جانبي القناة الرئيسية مجموعة من المقاهي والمطاعم، في حين تجوب المياه زوارق تنقل السياح في رحلات متنوعة تتيح لهم مجال التمتع بالمناظر الطبيعية، إضافة إلى التمعن بالعمارة التاريخية التي تزينها منصات النباتات والأزهار.
وليست القنوات عنصر الجذب الوحيد في بروج التي تستقبل سنوياً حوالى مليونين ونصف مليون زائر. فهناك الساحة الرئيسية في وسط المدينة، وتحيط بها أبنية من القرون الوسطى تحتضن عدداً كبيراً من المطاعم والمقاهي. بينما تصطف قرب أحد الأطراف عربات تجرها الخيول لتنقل السياح في جولات «برية» بعد أن يكونوا قد أنجزوا الجولات «المائية».
وإلى الجنوب من هذه الساحة يصل السائح إلى برج الجرس وفيه أكثر من خمسة وأربعين جرساً، وهو من أقدم معالم بلجيكا إذ بدأت عمارته في عام 1282. ويتطلب الأمر صعود 366 درجة للوصول إلى أعلى البرج حيث تتكشف أمام الأعين معالم المدينة من مختلف أنحائها. ويماثل البرج في الارتفاع كنيسة السيدة العذراء التي ترتفع 122 متراً لتكون واحدة من أعلى المباني في بلجيكا كلها.
وكما في كل المدن الكبرى في أوروبا، تحتضن بروج متحفاً للفنون التشكيلية والتحف قديمها وحديثها، ولوحات لكبار الفنانين العالميين. ويقدم المتحف لزواره مجموعة خاصة تظهر معالم بروج القديمة والمناطق المحيطة بها.
ويجب أن لا ننسى أبداً شهرة الشوكولا البلجيكية. فبروج غنية جداً بالمحلات المتخصصة ببيع الشوكولا على أنواعها وأشكالها. والمقاهي الملحقة بمعظمها تقدم مشروب الشوكولا الساخن، مع الكريما أو من دونها، إلى جانب الكاتوه بالشوكولا طبعاً… وهي متعة لا تُفوت وتستحق رحلة خاصة بها إلى بروج.
يبقى أن نشير إلى أن غالبية السياح يعمدون إلى التوجه بالقطار من بروكسيل إلى بروج لقضاء يوم هناك ثم العودة إلى العاصمة. فالمواصلات من أسهل ما يكون، وسعر البطاقات معقول للغاية. إن قضاء يوم في بروج يعطينا نكهة المدينة، لكن اكتشافها يتطلب أياماً متكررة!
أضف تعليق