أقلامهم

تعليم أبناء البدون.. الرحمة الظالمة!

استبشر إخواننا أرباب الأسر من أهلنا البدون واستبشرنا معهم بقبول أبنائهم في المدارس الحكومية، لتخفيف الأعباء المعيشية الضنك التي يعيشونها، وسعدنا لتفهم المسؤولين لمعاناتهم السنوية مع بداية كل عام دراسي، لكن وألف آه من لكن.
تفاجأ أولياء أمور الطلبة المقبولين بأن وزارة التربية وزعت أبناءهم في مناطق بعيدة جدا عن مقر سكن العائلة فمن يسكن في الصليبية مثلا وزعوا أولاده في مناطق الظهر وفهد الأحمد والجهراء… بالله عليكم كيف لأب أن يوصل أولاده إلى مدارسهم في ثلاث مناطق متباعدة في وقت واحد؟!
شكونا دوما من سوء الإدارة في مؤسساتنا الحكومية مع توفر الإمكانات، ولهذا تعاني الدولة من تراجع مستمر على كافة الأصعدة، وحين البحث في جذور أزمة أبناء البدون بالحصول على قبول في مدارس قريبة من منطقة السكن تبين أن المشكلة لا تكمن في عجز مدارس المنطقة التعليمية عن استيعاب العدد ولكنها تتجسد في غياب خطة متكاملة وعدم وجود تقديرات سليمة لعدد المدارس الجديدة المطلوب توفيرها لاستيعاب أبناء هذه الفئة من أبنائنا الطلبة، مما حول النعمة التي استبشروا فيها إلى نقمة وتحولت الرحمة إلى عذاب.
وكلنا عشنا الأسبوع الماضي الحدث الساخن والمتابعات الرسمية والإعلامية والشعبية المستحقة للعبث الكبير وخداع مسؤولي الصيانة لمديريهم ولوزير التربية فيما يتعلق بجهوزية المدارس الحكومية لاستقبال الطلبة، ومباشرة التعليم وانكشاف الوزارة على فضيحة إدارية ما دفع سمو رئيس الوزراء للتدخل شخصيا لوقف هذه المهزلة والأمر بمحاسبة المقصرين.
ومع علمي اليقيني وإقراري بصعوبة التدريس في ظل طقس حار جدا ورطوبة مرتفعة كما في الكويت، لكن مأساة إهمال حل قضية تسكين آلاف الطلبة من «البدون» في مدارس قريبة من مكان إقامتهم أكبر وأعظم أذى وإيلاما من خلل التكييف.
أجيال كثيرة درست بلا تكييف وكنا نُجهد ونتعب لكننا لم نكن نتأفف من واقعنا وكنا نذهب إلى مدارسنا مشيا على الأقدام في الحر والرطوبة والغبار والبرد والمطر، ولم يمنعنا ذلك من تلقي العلم وتحصيله وكانت بحق أجمل أيام العمر التي نتمنى لو أنها لم تنقض.
ومع أمنياتي بحل هذه القضية المعضلة بتوفير مقاعد دراسية لأبنائنا البدون في مدارس قريبة من مكان سكنهم، فإني أرجو أن تلتفت الحكومة إلى مأساة المقيمين المثقلين بالرسوم الدراسية والعلاج وغيرها، بإصدار قرار يسمح بقبول أبناء المقيمين للدراسة في المدارس الحكومية لمن يرغب مقابل رسوم دراسية رمزية مما يعزز دور الكويت في دعم التعليم خصوصا في المراحل الأساسية.
نتوسم في وزير التربية والتعليم العالي خيرا، ونرجو الله تعالى له السداد والتوفيق وأن يرفع الظلم عن الطلبة البدون وذويهم وأن يرحم المقيمين بيننا من ذوي الحاجات والعوز والفاقة، وأن يأمر بسرعة حل مشكلة الطلبة البدون المقبولين في المدارس الحكومية ليتم قبولهم في مدارس قريبة من سكنهم حتى لا تتحول فرحة قبولهم إلى رحمة يتجرعون مرارة ظلمها وألمها.

@mh_awadi

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.