لست ضد حرية التعبير، ولا حرية الرأي بل ضد المساس بالدين والثوابت والتقليل من شأنها والسخرية من الآخر بحجة حرية التعبير عن الرأي، وضد منح الهوى المجال في الطرح والتفسير والتعليق دون مراعاة لأمور كثيرة، خاصة عندما يكون المتحدث من أولئك الذين لا دراية عندهم بالعلم الشرعي ولا أهلية لإبداء الرأي الشرعي، لقد نظم الدين الإسلامي العلاقة بين الفرد وخالقه سبحانه وتعالى، وبين الفرد وغيره من الأفراد، والدين يدعو إلى تقوية أواصر المحبة والوحدة في المجتمع وبالتالي يتم الاستقرار والطمأنينة والعدالة، بين أيدينا الكتاب العظيم القرآن الكريم ومن واجبنا فهمه، لنعلم أن الإسلام قد كفل حرية الاعتقاد “لا اكراه في الدين” كما كفل حرية الرأي، “وأمرهم شورى بينهم” ولكن هل ذلك يعني حرية المساس بالدين ومحاولة عزله عن الحياة المعاصرة وهل لابد من الانسلاخ من هويتنا لكي نعيش، نحن هويتنا الإسلام وليس من السهل الانسلاخ عنها إلى هوية أخرى بحجة أن من يملك الحضارة والتقدم هم وبالتالي لا مفر من الانسياق وراءهم، وهذه قضية قديمة تم تداولها في البلاد الإسلامية ومنها الكويت في القرن التاسع عشر والقرن الماضي.
لذلك أنا أبحث عن جواب لسؤال ملح لماذا يشعر البعض بسعادة عندما يتناول الدين في حديثه بأسلوب يحمل الكثير من عبارات النقد والاستهزاء والتحدي والشك؟
حيث تصدر منهم عبارات يدل مجملها على رأي يثير الريبة؟ هل وراء ذلك تضخم الذات؟ هل هي خصومة شخصية؟ هل هو حب ظهور أم ماذا؟ من نحن أمام عظمة القرآن الكريم؟
الملفت أنهم لا يتناولون في أحاديثهم حرية التعبير والرأي في القضايا السياسية ولا يدافعون عن أولئك الشبان الذين في السجن بسبب لحظة تفاعل وانفعال كتبوا تغريدة في إطار حرية التعبير؟ ولا يدافعون عن رموز المعارضة الذين دافعوا عن حرية الرأي وعن الأموال العامة وحاربوا الفساد فصدرت ضدهم الأحكام الجائرة. لماذا لا يدافعون عن العدالة المفقودة؟
لا يمكن أن نجعل حرية الرأي محصورة ضمن فئة أو جماعة معينة دون غيرها، نعم من أعظم القيم هي الحرية وإبداء الرأي والعدل، ألم يقل ذلك الرجل الشجاع الذي يعلم عدالة سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – :”لو وجدنا فيك يا عمر اعوجاجاً لقومناه بحد السيف”، نعم الإسلام حرم الاستعباد وسجن الفرد بسبب رأي إنما هو استعباد، لقد قالها الخليفة عمر “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحراراً”.
لقد منح الإسلام الفرد حرية اختيار الرأي الفقهي الذي يشعر انه الأقرب إلى الصواب والحق.
لا شك في أهمية الأخذ والتجاوب مع عناصر الحياة المعاصرة، فالإسلام لا يعادي التجديد والتطوير ولا العلم، ولكن هل لا يتحقق ذلك إلا بالتقليد في كل شيء والانسلاخ من الهوية؟
توجد الكثير من القضايا والتي هي بحاجة شديدة إلى الطرح وتبادل الآراء أهمها العدالة المفقودة والظلم المحتد والتعدي على المال العام وقانون الإعلام الإلكتروني.
أخيراً من المهم والواجب أن نقوي ونعزز الثقة واحترام هويتنا وتعميق شعور الفخر بها.
الأستاذة الدكتورة
نجاة عبدالقادر الجاسم
أضف تعليق