كتاب سبر

أين بندر يا فاطمة ؟

كان زميلي في الجريدة “بندر الفضلي” ينصحني أن أعطي نفسي بين ساعات العمل 20 دقيقة راحة يوصي بها الأطباء، تبعد  الكلل وتحقق صفاء الذهن.
لذلك كان يطل عليّ في منتصف توقيت العمل كلّ يوم، يحبس في مكتبي وهو يقول لي: اطلب لي استكانة شاي، سأمنحك ثلث ساعة راحة من العمل!
ويجلس يحكي لي حياته وحكاياته.
بندر شاب لطيف نشط يملأ يومه بالعمل، وتشغل تفكيره هموم البدون، فهو من أبناء الجيل الرابع لهذه القضية التي شهد أصحابها ضغوطاً لا إنسانية حرمتهم من حق الهوية ومن حق التعبير والزواج والتملك والدراسة والعلاج، حتى أصبح منحهم هذه الأشياء بمثابة منحة وليس حقاً إلهيا مكتسبا واستحقاقاً انسانيا أقرته كل القوانين الوضعية.
بندر ينتظر مولوده الأول خلال شهر من الآن من زوجته زميلتنا “فاطمة” ليكرر المولود مأساة جديدة هي نسخة من مأساة والده وجدّه من قبله..
كان بندر منسق ملتقيات مميّز، يشرح للنشطاء ولهيومان رايتس الظروف الكئيبة التي يعيشها البدون على حافة الحياة بلا وظائف، في بيوت  هي صناديق من كيربي في بلد عاشت من خيراته دول كبرى وصغرى. وكان بندر يظهر في كل جمعة في ساحة الحرية في تيماء يرفع علم الكويت الذي يحب، وصورة الأمير الغالي ، يطلب حقه الطبيعي في حياة كريمة.
وفي اليوم التالي يطلعني على بعض الصور التي التقطها في تلك الساعات التي يعتبرها متنفسه الوحيد ونافذته الأثيرة للإطلال على شمس الحرية.
لكن بندر منذ ثلاثة أسابيع لم يطلّ علي..
ولم ألخظ حركته المعتادة في صالة التحرير.
وبالأمس قلت لأختنا زوجته: أين بندر يافاطمة؟
تهدج صوتها: (في السجن مع البدون الذين خرجوا للمطالبة بحقوقهم)!!
هل من حقي الآن أن ارتاح 20 دقيقة بين ساعات العمل الطويلة.. بينما بندر قد يبشرونه بمولوده الأول وهو في سجن وطنه؟!


@allmasoudi

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.