عندما يتعطل المنطق

لماذا يقتتل الأحياء اليوم ويُقتلون لأجل ما اقتتل عليه الأموات؟!
لماذا تهدر دماء مئات الألوف من السنة والشيعة منذ مئات السنين؟ لماذا يلعن بعضنا بعضاً ويقتل بعضنا بعضاً وإلهنا واحد ، ونبينا واحد، وكتابنا واحد، وقبلتنا واحدة وعلينا واحد، وفاطمتنا واحدة، وحسيننا واحد، وآل بيت نبينا واحد؟!
لماذا نفترق رغم كل هذه الأسباب للتوحد؟!
قُتل الحسين عليه السلام شهيداً.
من قتل الحسين؟
دع عنك ‏التبريرات الواهية الواهنة.
قتله يزيد بأمر منه أو تسبب في قتله.
ما هو موقف أهل السنة والجماعة من قاتل الحسين؟
اختلف أهل السنة في لعن يزيد أو تركه، لكنهم اتفقوا جميعاً على بغضه.
لماذا اتفق أهل السنة على بغض يزيد؟
لأنهم أجمعوا على حب الحسين الذي قتله يزيد.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
حسينٌ مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً. إذا فالمنطق معطل ‏عندما يقتتل من يجمعهم بغض يزيد وحب الحسين.
وإذا رأيت المنطق لا يعمل، فاعلم أن هناك من يعمل على تعطيله.
إذاً فالواجب على عقلاء الشيعة والسنة العمل على إعادة إحياء هذا المنطق وتفعيله.
لماذا؟
لأن إماتة هذا المنطق وتعطيله هو إحياء للطائفية.. الورقة الرابحة ‏أبداً في يد من يكيد للإسلام والمسلمين ويعمل على هدر الدماء بين أكبر طائفتين من المسلمين،يجمعهما إله واحد، ونبي واحد وكتاب واحد، وقبلة واحدة وعليٌ واحد، وحسينٌ واحد وفاطمة واحدة، وآل بيت نبي واحد. .سألني أحد أصدقائي الشيعة:
هل صحيح أن عمر بن الخطاب متزوج من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب؟!
قلت: نعم
قال: فلماذا لا نعلم؟!
الخلاف بين السنة والشيعة منذ القدم يقوم على جهل كل مذهب بحقيقة مذهب الآخر.
إذاً لإعادة إحياء المنطق، أعني عدم جواز التباغض والتلاعن والاقتتال بين من يجمعهم حب الحسين، يجب أن تعرف ماذا يوجد في مذهبي وأعرف ماذا يوجد في مذهبك، وما يدعو إليه مذهبي، وما يدعو إليه مذهبك..
لا أدعو إلى نقاش ومحاججة بين علماء .. أنا ادعو إلى تجرد وموضوعية من العقلاء.
أنا أدعو إلى تحرير العقول من الدعوات العاطفية والنزاعات السياسية
أدعو إلى عدم الاستجابة إلى استثارة الجاهل لأنه إما مندفع بنفسه
أو مدفوع من غيره.
أدعو إلى عدم السماع للغلاة من الطرفين.
أدعو إلى منع تعاطي حقن ‏التكفير وتفخيخ الحاضر بمآسي الماضي فتلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون..أنا أدعو لأن تقرأ عن مذهب غيرك من كتب مذهبه وليس من كتب مذهبك.
أدعو لأن تقرأ ما هو عليك كما تقرأ لما هو لك.
‏إنك لن ترى أكثر من مشهد واحد ما دمت تنظر من نافذة واحدة.
وبعد.. فكل ما دعوت إليه لن يتحقق أو يكون ما لم تمتنع من تأجير عقلك لغيرك وإعطائه وكالة للتفكير عنك.

حمد سنان