كتاب سبر

High Light
ثقافة الفساد

لم يعد أي مجتمع من المجتمعات بمعزل عن الفساد بما فيها المجتمع الكويتي والذي وصل فيه الى حد غير مسبوق!، ولكن القضية نسبية والعلامة الفارقة التي تتحكم فيها هي مدى تقبل أو رفض المجتمع لهذه الظاهرة، لذلك تجد الفساد شبه منعدم في المجتمعات الغربية، ويرجع السبب في ذلك إلى وجود نظام ديمقراطي حاكم يحمل مبادئ وقيماً وقوانين وثقافة مجتمعية تحارب الفساد بكل أشكاله مهما كانت قوة نفوذه؛ لذلك تجد خبر “استقالة وزيرة ألمانية من منصبها لاستخدامها كرت وقود بقيمة 20 يورو خارج ساعات العمل الرسمية” خبراً لا يثير الدهشة .
وإذا أسقطنا هذه الحالة على مجتمعنا الكويتي ، فحدث ولا حرج، فالفساد وصل للنخاع ، بل تعدى الأمر إلى عدم السيطرة عليه، مما أدى إلى انخفاض التوجه العام نحو محاربته، فانخفاض الوعي المجتمعي لدى الأفراد بمخاطر الفساد وآثاره السلبية أعطى الفساد شكلاً من أشكال البنيوية في المجتمع ، فظهر علي السطح بالطريقة الفجة التي نشاهدها اليوم .
فإذا كان الفساد حالة استثناء في مجتمعات العالم المتحضر ، فإن اشد أنواع الخطر هو القبول به علي ارض الواقع، وبالتالي التعايش معه ، الأمر الذي قد يضفي علي الفساد نوعاً من أنواع الشرعنة، فانتهاز الفرص وتحقيق المكاسب بطرق ملتوية أسسا لثقافة الفساد داخل المجتمع الكويتي . نتحدث عن الممارسات التي تحمي الفساد وبالتالي تسويقه في إطار منظومة القيم الاجتماعية، وإشاعة حالة من التراضي والقبول به ، والتساهل بممارسته وحشد مبررات عديدة لذلك ، ولعل أهمها على الإطلاق الجو العام الذي يشجع الفساد، فلا ضرر من ممارسته في حدود معينة، وهذه الحدود سرعان ما تتسع طولاً وعرضاً.
لذلك أرى أن تحميل الحكومة ومجلس الأمة وحدهما مسؤولية محاربة الفساد أمر غير مجد، فلا بد أن يكون هناك دور مجتمعي فعال تساهم به كل المكونات الاجتماعية ؛ من مؤسسات مجتمع مدني وتيارات وأفراد… إلى غير ذلك من مكونات، فالفساد إنما هو فساد مجتمعي، وأشكاله الموجودة في المجلسين (الأمة والوزراء) إنما هي انعكاس لذلك.
ختاماً: غير خفي على أحد أن الفساد يهدد السلم الاجتماعي، بل حتى النظام السياسي بأسره، وأن المعنيّ الأساسي بمحاربته هو المجتمع الكويتي نفسه، كونه يؤثر فيه بالدرجة الأولى، بشرط أن يضع خلف ظهره كل الخلافات القبلية والفئوية والطائفية… الي غير ذلك من أثينيات ، ويتسلح بالوعي السياسي الذي يجعل مصلحة الكويت هي العليا مقابل المصالح الشخصية الضيقة، ليختفي من المشهد السياسي كل من يقتات على الخلافات المذهبية ، وأمامنا فرصة ذهبية في أمة 2020 لتحقيق المساءلة المجتمعية في مكافحة الفساد لينعم كل من يعيش علي ارض الكويت بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية .
اللهم قدر للكويت رجال دولة أقوياء ، شرفاء ، أمناء
ودمتم بخير.

د.حمود حطاب العنزي

2 تعليقات

  • اللهم امين يارب العالمين نعم اخي الغالي دكتور / حمود الفساد في كل مكان واصبح ظاهرة واضحه. فلا بد أن يكون هناك دور مجتمعي فعال تساهم به كل المكونات الاجتماعية اللهم احفظ شعوبنا العربية يارب من الفساد والمفسدين في الارض بغير حق. احسنت اخي الحبيب وموضوع منم جدا ويدل علي حبك الشديد لوطنك الغالي الله يحفظك بحفظه الكريم. ???????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.