في شهر ديسمبر 2009 بدأت حملة “إرحل نستحق الأفضل” التي رفع لواءها ثلة من الشباب الوطني المخلص للمطالبة برحيل الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الحكومة الأسبق على أثر فضيحة الإيداعات المليونية التي كانت وراء تضخم حسابات بعض النواب. استمرت الحملة ككرة الثلج حتى رحل رئيس الحكومة في 6 ديسمبر 2011 ، ثم ما لبثت المطالبات أن طالت رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي رحمه الله (خال الرئيس الحالي مرزوق الغانم) حتى رحل هو الآخر و اعتزل الحياة السياسية. حينها تنفس الكويتيون الصعداء و شعروا بنشوة الانتصار – كما هو الآن – و في 2 فيراير 2012 انتخبوا مجلساً إصلاحياً هيمنت عليه قوى المعارضة التي انتخبت بدورها رئيساً إصلاحياً هو السيد أحمد السعدون في فبراير 2012.
ماذا حدث ولماذا تكرر المشهد؟
بعد مرور اربعة شهور و نيف (20 يونيو 2012) ابطلت المحكمة الدستورية مجلس الأمة رغم كونه أحد المجالس النادرة التي مثلت إرادة الأمة تمثيلاً حقيقياً، وأعادت مجلس 2009 المنحل (المتهم كثير من نوابه بالفساد) ، وصدر مرسوم ضرورة -دون وجود ضرورة- بتغيير الدوائر الإنتخابية وهو ما يعرف بمرسوم الصوت الواحد، فقاطعت المعارضة الانتخابات باعتبار أن ما أحدثته السلطة من تغيير للخريطة الإنتخابية من طرف واحد يعد تعدياً صارخاً على الإرادة الشعبية، ومصادرة لحق الأمة في الاختيار، بل تهميشاً كاملاً لتلك الارادة.
استمر الحال على ماهو عليه حتى إنتخابات 5 ديسمبر 2020 ( وهي أول إنتخابات في العهد الجديد) حيث شاركت فيها المعارضة بكثافة في أجواء يملؤها التفاؤل بهدف إيصال أكبر عدد من النواب الإصلاحيين القادرين على إنتخاب رئيس مجلس يمثل إرادة الأمة تمثيلاً حقيقياً، وتتشكل حكومة جديدة تعكس نتائج الانتخابات التي جاءت بها الصناديق. لكن أياً من ذلك لم يحدث، وتلاشت سريعاً حالة التفاؤل التي غشيت الكويتيين بعد دعم حكومة صباح الخالد لمرزوق الغانم في إنتخابات الرئاسة ، وعاد الاحتقان للشارع الكويتي الذي ما برح أن رفع شعار رحيل الرئيسين.
و بعد عدّة محاولات لحجب الثقة عن صباح الخالد، وعزل مرزوق الغانم نجح الشعب في فرض ارادته، حيث صوّت 26 نائباً لصالح عدم التعاون مع رئيس الحكومة واستمرت الحملة الشعبية ضد رئيس المجلس والتي انتهت باعتصام نواب المعارضة في مجلس الأمة، وتفاعل الشارع مع ذلك الإعتصام في ساحة الإرادة والدواوين حتى تحققت إرادة الشعب الكويتي بحل مجلس الأمة وإعلان السلطة نزولها على الارادة الشعبية ، و حيادها في إنتخابات رئاسة المجلس القادمة ولجانه.
هل سيستمر مجلس2022؟
المتوقع أن تجرى الإنتخابات القادمة خلال شهور قليلة كما جاء في الخطاب الاميري و هو ما يفهم منه اجراءها قبل نهاية العام الجاري ، لكن ذلك الاستحقاق الهام يطرح جملة من التساؤلات على الرأي العام والمعارضة والسلطة والسياسة.
مايتعلق بالشارع الكويتي، هل سيصوت الناخبون لايصال عدد أكبر من النواب الإصلاحيين لضمان انتخاب برلمان يمثل إرادتهم بشكل أفضل ، أم سينحازون إلى القبيلة والطائفة والعائلة على حساب مصلحة الوطن؟
أما السؤال المتعلق بالمعارضة، هل ستتفق المعارضة على قائمة وطنية إصلاحية بجدول أعمال محدّد الأولويات لإخراج البلاد من مأزقها الحالي، أم ستتنافس فيما بينها وتطغى المصالح الشخصية على المصلحة العامة؟
أما السؤال الموجه للسلطة السياسية، إذا اختار الشعب الكويتي مجلساً يعكس إرادته، هل ستحترم السلطة صناديق الإقتراع و تشكل الحكومة القادمة وفقاً لتلك الإرادة؟ وهل سيستمر ذلك المجلس، أم سيتم إجهاضه كما أُجهض مجلس فبراير 2012 تحت أي ذريعة؟
د.أحمد الذايدي
أضف تعليق