كل يوم يمر في عمر مجلس الأمة الحالي دون أن يتقدم خطوة نحو الاصلاح السياسي يعتبر يوما ضائعا من عمر البلاد خصوصًا اذا أخذنا بعين الاعتبار ندرة تكرار المجالس الإصلاحية. فعلى مدى ثلاثون عاماً لم يأتِ إلاّ ثلاثة مجالس ذات أغلبية إصلاحية، مجلس عام 1992 والمجلس المبطل في فبراير 2012 الذي لم يدم أكثر من مائة و عشرة أيام فقط والمجلس الحالي الذي يوشك أن يتم يومه المئة نهاية هذا العام. وبحسبة بسيطة فإن عمر المجالس الإصلاحية خلال العقود الثلاثة الماضية لم يتجاوز أربعة أعوام وسبعة شهور (حتى الآن).
وعليه فإن على النواب الاصلاحيين في مجلس الأمة أن يعوا أهمية المهمة الملقاة على عاتقهم، وأن نجاحهم أو إخفاقهم لن يرتبط في فترة عضويتهم بهذا المجلس، بل يتعداه للجيل القادم على أقل تقدير.
لذلك فإن النواب الإصلاحيون مطالبون بالتركيز على القوانين الإصلاحية التي ستكون القاعدة التي تنطلق منها بقية التشريعات الأخرى و التي حظيت بدعم شعبي غير مسبوق، مثل تعديل اللائحة الداخلية لتسمح بالتصويت العلني على منصب الرئيس ونائبه وأعضاء المكتب، وكذلك عزل الرئيس من قبل أغلبية النواب المنتخبين لكي لا يجد الشعب نفسه مضطرا للمطالبة بحل المجلس مجدداً إذا ما وصل لرئاسته شخصية منبوذة شعبياً بطرق ملتوية.
ومن القوانين المهمة التي ستجعل من مجلس الأمة مؤسسة تشريعة بامتياز، عقد جلساته في حال تحقق النصاب القانوني بغض النظر عن حضور الوزراء من عدمه، حيث من شأن هذا التعديل، أن يضغط على الحكومة لحضور جميع جلسات المجلس لكي لاتفقد وزنها السياسي في قاعة عبد الله السالم و تخسر قوتها التصويتية على القوانين.
و من أهم القوانين الإصلاحية المستحقة، تشريع قانون جديد للإنتخابات يعتمد القوائم الانتخابية، ممّا سيسمح لتلك القوائم بطرح برامج سياسية واقعية أكثر احترافا من البرامج الفردية التي تذهب أدراج الرياح فور فوز المرشحين بالمقعد الأخضر. لقد اثبتت التجارب السياسية طوال الحياة البرلمانية الكويتية أن الفردية في العمل السياسي أعجز من أن تكون قادرة على إنتاج تشريعات ذات بعد تنموي تنهض في البلاد و تحقق تلك النقلة النوعية التي ينتظرها الجميع.
قي الختام ، إذا لم يعتني الأعضاء الإصلاحيون في المجلس الحالي بالقوانين الاصلاحية الاستراتيجية، فسيعضون أصابع الندم على تفويت هذه الفرصة التاريخية وستدفع البلاد ثمناً باهظاً من عمرها وعمر الجيل القادم.
د.أحمد الذايدي
أضف تعليق