يقول آلبرت آينشتاين: “السذاجة هي فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب و نفس الخطوات وإنتظار نتائج مختلفة” .
قبل فترة أُسدل الستار على الانتخابات البرلمانية في الكويت، وكانت النتائج – وفقاً للمنظور الاصلاحي- مبشرة؛ حيث فاز كثير من الأعضاء الذين نتوسم فيهم الخير، وسقط كثير من الذين كانوا عقبة في طريق الإصلاح.
هذا السيناريو ليس جديدا على الساحة الكويتية، فقد حدث في السابق أكثر من مرة، آخرها عام ٢٠١٢ عندما فاز مجلس أغلبه يعتبر إصلاحيا ومشابهاللمجلس الحالي، لكن انعدام ما يسمى اللعبة السياسية آنذاك أدى إلى انهيار تلك المجالس بفترات قصيرة جداً، وبطرق متشابهة، لذلك فالاتعاظ من التجارب السابقة مهم جداً للحفاظ على هذا المجلس، وعدم تكرار أخطاء الماضي.
إذ إنه بلا شك بقاء هذا المجلس لأكثر فترة ممكنة هو هدف جميع المصلحين في هذا البلد، لكن يجب ألّا ننسى أن هناك في الطرف الآخر ثلة من المفسدين لا يتمنون لهذا المجلس الاستمرار، ويريدون القضاء عليه بأسرع وقت ممكن، وهنا تبدأ ( لعبة السياسة).
لا شك أن ستة الأشهر الأولى من عمر هذا المجلس تعد من الشهور المفصلية في تحديد بوصلة، ومصير هذا المجلس. ولطالما عانينا في السابق من سرعة وأد المجالس الإصلاحية، وعدم استمرارها؛ لارتكابها بعض الأخطاء في هذه الفترة بالذات التي تبتعد كلياً عن القراءة السليمة للمشهد السياسي.
أول هذه الأمور وما تم ملاحظته أن النواب بعد القسم يأتون محمّلين بقضايا شعبية، وطموحات كبيرة جدا، ويدخلون فيما يسمى ( الحماس غير المنضبط) والرغبة في إنهاء أكبر قدر ممكن من القوانين، وتحقيق أكبر المكاسب الشعبية بأسرع وقت ممكن من خلال الاستجوابات المتسرعة أولاً، والقوانين غير المنطقية ثانياً. والمحصلة النهائية لكل ذلك انتهاء سريع للمجلس يفرح به الأعداء قبل الأصدقاء.
ما الحل إذن؟ الحل بالقيام أولاً بإعداد خطة واضحة للعملية التشريعية، والعمل بما يسمى الموازنات السياسية، والتفكير خارج نطاق صناديق الانتخابات، والانتقال الى مرحلة التفكير كرجال دولة.
ثانياً: التعامل مع الحكومة يكون على أساس الأخذ والعطاء والتعاون، لا الصدام قدر الإمكان، والعمل على تحقيق أكبر قدر من المكاسب مع الحفاظ دائماً على خط رجعة والتمسك بشعرة معاوية.. وليعلم النواب إن كان الإقدام واجبا، فإن التراجع قليلاً أحيانا لتحقيق مكاسب أكبر بالمستقبل هو انتصار، وليس خسارة بالمفهوم السياسي. والهدف يجب ان يكون دائماً هو تحقيق أكبر مكاسب للوطن لا أكبر مكاسب انتخابية.
الخلاصة : التريث والتخطيط وحساب الخطوات بشكل دقيق، ومعاينة المخاطر والمكاسب، خاصة في الشهور الأولى هي الوسائل المهمة لاستمرار هذا المجلس إلى أطول وقت ممكن. وهذا يعد مكسبا للجميع في هذا الوطن في نهاية المطاف.
د.محمد الفهد
أضف تعليق