عندما نتأمل في واقع دولتنا الكويت خاصة وبلادنا العربية عامة نجد انها تعيش حالة من الفوضى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من خلال ماتشهده من اعتصامات واضرابات وثورات كما انها تواجه العديد من المشكلات فمنها ما يعاني من الفساد والبطالة والفقر و..و.. ونلاحظ ان كل ذلك يحصل على الرغم من انها تمتلك موقعا جغرافيا متميزا يربط الشرق بالغرب ,ولديها العديد من الممرات البحرية,وكذلك تختزن الكثير من الثروات الطبيعية والاثرية السياحية بالاضافة الى اراضيها الخصبة الصالحة للزراعية وغيرها من الثروات الاخرى.فما هي اسباب تردي أوضاعنا وكذلك اوضاع الدول العربية على كافة المستويات سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو العسكرية؟
ويبدو أن أهم أسباب ذلك الاخفاق وما نجنيه في هذه الايام هو غياب مشروع الدولة أو المشروع الوطني وعلو كعب مشاريع الاشخاص على المستوى السياسي والاقتصادي والتجاري والاعلامي في غالبية الدول مما ادى الى عدم استغلال تلك الثروات والمقومات الاستغلال الامثل الذي قد يؤدي الى الارتقاء بالمجتمعات وتطورها.فمشاريع الاشخاص لدولنا جعل مصالحهم التجارية والشخصية تطغى على المصلحة العامة مما ادى الى غياب الاستراتيجيات والرؤى الحقيقية والواضحة لما يسمى بالمشروع الوطني الامر الذي ترتب عليه انهاك للاقتصاد القومي وتجاوز القانون في الكثير من الممارسات وغياب الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.
ولعل أبسط ما يمثل ويعكس غياب مشروع الدولة لدينا في الكويت ما يجري هذه الايام من اضرابات واعتصامات مشروعة, نتيجة لخلل في سياسات بعض الاشخاص القائمين على اصدار القرارت الشخصية المتسرعة وغير المدروسة والبعيدة عن العدالة الوظيفية وتخدم ظروف سياسية معينة دون ادراك لمستقبل اثار تلك القرارات.ومن الامور الاخرى لفقدان مشروع الدولة هو نسف كل وزير يأتي لاغلب وزاراتنا لقرارات سلفه, وكأن تلك القرارات تمثل ذلك الوزير وليست الدولة, وهذا يعني أن من يرسم السياسات العامة لاغلب الوزارات أشخاصا وليس لجانا متخصصة, فمن المفترض أن مثل هذه القرارات لا تصدر الا بعد دراسة تكتيكية واستراتيجية متأنية من قبل المختصين لواقعها ومستقبلها ونتائجها المحتملة على مختلف المستويات.وكيف نتحدث عن مشروع الدولة ونحن لا يوجد لدينا الا جامعة رسمية واحدة, وتوجد لدينا بعثات داخلية ربما كسابقة لدولة في التاريخ تعمل بهذا النهج, والسبب هو التنفيع لمجموعة من الاشخاص على حساب المشروع الوطني.وكذلك كيف نحقق مفهوم الدولة ونحن لا نملك الا مستشفيات متهالكة وخدمات صحية متردية لا يعمل على تطويرها حتى لا تتأثر المستشفيات الخاصة.وعندما تكون أغلب مؤسسات الدولة مؤجرة لحساب اشخاص في ظل ما نملكه من ثروة هائلة.وعندما يكون لدينا بطالة وأزمة سكنية على الرغم من قلة عدد السكان والثروات المالية الكبيرة.وعلاوة على كل ذلك اختراق القانون وعدم تطبيقة من قبل الكثير من أفراد المجتمع تحت مرأى ومسمع بل وبتشجيع من الجهات الرسمية المختصة لاعتبارات عائلية او طائفية او قبلية.بالاضافة الى تعطيل مشاريع الدولة التنموية لصالح بعض الساسة والتجار لفترات طويلة من الزمن.
وأخيرا, فان الرؤى الصادقة والاستراتيجيات والاهداف العامة والمحددة المرسومة على أساس مدروس يراعي المصلحة العامة للارض والفرد دون تمييز او تحييد, هي أحد السبل لمشروع الدولة المحترمة التي تجعل شعبها يحترمها قبل الاخرين, ويضع لها ثقل في ميزان القوى الاقليمية والدولية لتوفر مقومات الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحقيقة لديها.وقبل ذلك فان مراعاة الخالق قبل الخلق من قبل الفرد والمجتمع ومؤسسات الدولة هي أساس العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتحقيق المشروع الوطني, كما ان هذا الامر ليس صعبا, ولكن يحتاج الى تصقية النفوس قبل استثمار الفلوس, وكذلك تطبيق القانون على الجميع وتجاهل الاعتبارات العائلية والطائفية والمذهبية والقبيلة في اختيار اصحاب الاختصاص لتمثيل مؤسسات الدولة.
د.عبدالعزيز محمد العجمي
[email protected]:
Twitter: @Dr_Abdulaziz71
أضف تعليق